من الثابت المسلّم
الذي لا يقبل الشكّ هو ثبوت جزئيّة « حيَّ على خير العمل » في الأذان على عهد رسول الله 0 ؛ لأنّها مضافاً إلى وجودها في روايات الإمامية الاثني عشرية وفي
روايات الزيدية والإسماعيليّة ، رواها أهل السنة والجماعة بطرقهم ،
وأنّ بلالاً كان يؤذّن بها في الصبح خاصّة ،
بل كان جمّ غفير من الصحابة يؤذّنون بها .
وحكي عن بعض أئمّة
المذاهب الأربعة أنّهم قالوا بالتأذين بها ،
لكنّ عامّتهم ادّعوا أنّ رسول الله أمر بلالاً بحذفها من الأذان ووضع مكانها جملة
« الصلاة خير من النوم » .
من هذا يتبيّن أنّهم
لا ينكرون شرعيّتها في مبدأ الأمر ، لكنّهم يقولون بنسخها ، فما هو الناسخ إذاً ؟ ولِمَ تُنسخُ هذه الجملة بالخُصوص من الأذان ؟
للإجابة عن هذا
السؤال لابدّ من ملاحظة أنّ أهل السنّة والجماعة انقسموا ـ في هذه المسألة ـ إلى فريقين ؛ فمنهم من قال إنّ الناسخ هو قول رسول الله 0 لبلال : « اجعل
مكانها الصلاة خير من النوم »[373] ، في حين لم يَرَ الفريقُ الآخر منهم بُدّاً من السُّكوت عن بيان
الناسخ ؛ لضعف تلك الأخبار وعدم دلالتها على المقصود ،
بل
[373] انظر : مجمع الزوائد
1 : 330 ، « وفيه : « رواه الطبراني في الكبير ، وفيه عبدالرحمن بن عمّار بن سعد وقد ضعّفه
ابن معين » . والجدير بالذكر أن المتّقي الهندي ذكر رواية الطبراني في كنز
العمال 8 : 342 ح 23174 بعد ذكر إسنادها قال : كان بلال يؤذّن
بالصبح فيقول : حيَّ على خير العمل ، ولم يذكر فيه : « اجعل مكانها الصلاة خير من النوم » .