بهذا النهج يتعلم
المسلم لزوم التروّي والتأنّي والحيطة والحذر في النقل وضرورة رعاية النص كما هو
دون زيادة ونقصان ، هذا ما علّمنا الشارع المقدّس التمسّك به .
نعم ،
قد يختلف توقيفي عن توقيفي آخر ،
وبلحاظ زاوية خاصة ،
بمعنى أنّ توقيفية الأذان قد تختلف عن توقيفية الزواج والطلاق ، أي : أنّ توقيفية الزواج والطلاق تتعلّق
بأمر كلّي لا بجزئيته ،
أي يجب على المطلِّق أو العاقد أن يُنشئ عقدة الزواج والطلاق في كلامه دون التعبد
بصيغة واحدة خاصة ،
فله أن يقول :
( أنكحت ) أو ( زوّجت )
أو ( متّعت ) ، فلو أتى العاقد بأي صيغة منها صح زواجه .
وكذا الحال بالنسبة
إلى الطلاق فلو قال المطلِّق: زوجتي طالق ،
أو فاطمة طالق ، أو امرأتي التي في ركن الدار طالق ـ لو
كانت هناك مثلاً ـ صح طلاقه ، لأنّ المطلوب هو إنشاء علقة الزوجية في الزواج ، وقصد الإبانة في الطلاق دون التعبّد بصيغة مخصوصة ، وهذا بخلاف التعبد بنصوص القرآن وما شابهه ،
لأن الثاني يأبى التغيير والتبديل ، فلا يجوز تقديم جملة
من القرآن على أخرى ، فلا يجوز أن تقول: ( الرحيم الرحمن ) بدل ( الرحمن
الرحيم ) ؛ لأن المطلوب أداء النصّ السماوي كما هو .
إذاً توقيفيات
الأمور تختلف بحسب تعلّق الأحكام ، فتارة : تتعلّق بالحقيقة وذات الأمر ،
وأخرى بلزوم التعبد بالنصّ المعهود دون زيادة ونقيصة ،
وقد وضّحنا قبل قليل بأنّ توقيفية الزواج والطلاق مثلاً تتعلق بالحقيقة الكلية دون
التعبد بصيغة بخصوصها ، بخلاف توقيفية القرآن فإنّها توقيفية بالنص فلا يجوز الزيادة
والنقصان والتقديم والتأخير ، ومن القبيل الأوّل الأذكار المستحبة في القنوت ، فالقنوت مستحبّ يقيناً لكن لا يلحظ فيه ذكر مخصوص ، فللقانت أن يقنت بما شاء من تسبيح وتحميد وشكر و