سنداً ومتناً، وغير ذلك،
معتمداً في ذلك على أُسس
معقولة وقواعد مسلّمة، بعد إحاطته التامّة بالأقوال، واستحضاره الفائق لأُمّات الأدلّة في المسألة،
وفهمه العميق للروايات، فضلاً عن امتلاكه القدرة على تقييم الأقوال ونقدها وردّها
بأسلوب علميّ شموليّ، ومنهجيّة خالية من العشوائيّة غير المدروسة.
وهذا ما كان يتصف به العَلَم العيلم الشيخ الوحيد البهبهانيّ رحمة الله في جميع مؤلَّفاته ومصنَّفاته
وشروحه وتحقيقاته التي كان لها الدور الفاعل في ازدهار الحراك العلميّ آنذاك
وانتعاشه، ومن مؤلّفاته هذه التعليقة على كتاب (ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد)
للمولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن السبزواريّ رحمة الله .
حيث قام الشيخ رحمة الله في
تعليقته هذه بانتقاء كثير من المسائل الفقهيّة المُهمّة التي هي محلّ البلوى،
مبتدئاً بكتاب الطهارة، ثمّ كتاب الصلاة، فكتاب الصوم، فكتاب الخمس، ومختتماً
بكتاب الزكاة.
وبعد التصفّح والتنقّل بين مطالب التعليقة نجده يغوص في أعماق البحث ويكشف
عن خفاياه، فيورد الآراء ويفصّل الأقوال فيها بحجّة جليّة، بعد أن يضعها على طاولة
النقاش العلميّ والنقد البنّاء بما يليق بمكانة متبنّيها من دون تجاوز أو استنقاص،
ملتزماً بكلّ ما للفقيه من مسؤولية شرعيّة، وتحرّج دينيّ، وخُلُق محمّديّ، ومستنداً
إلى الأدلّة الصحيحة التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعيّة، حتى
ينتهي إلى ذكر رأيه النهائيّ من دون الرجوع إلى الرأي أو الظنون الشخصيّة الحاصلة من
القياس، والاستحسان، وغيرهما.
فيتبيّن لنا من ذلك دقّة تنظيمه، وتدرّجه في خطواته بعد تحديده للموضوع، مع
أخذه بعين الاعتبار ارتباطه بما قبله؛ لتحصيل الفائدة المتوخّاة منه.