responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مصابيح الأصول نویسنده : بحر العلوم، السيد علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 57

اما الوضع فهو من قبيل الثاني، حيث إن الواضع - قبل وضعه - تصور اللفظ مجرداً عن المعنى، وتصور المعنى من دون اللفظ، وليس بين الاثنين ملازمة، ثم بعد ذلك جعل ما تصوره من اللفظ على المعنى المتصور، فأوجد علقة وربطاً بينهما، وصار كلما يطلق اللفظ في مورد يلزم منه الانتقال إلى المعنى الموضوع له، فالعلقة والملازمة جعلية من قبل الواضع، وهي من الأمور الواقعية.
ولا يخفى أن الملازمة - المدعى ثبوتها بين اللفظ والمعنى المستوجبة للانتقال - إن أريد بها ثبوتها مطلقا في حق كل واحد من دون اختصاص لها بالعالمين بالوضع فهو باطل بالبداهة، لأننا نجد الاشخاص الذين لم يطلعوا على الوضع لا يمكنهم الانتقال بمجرد سماع اللفظ، ولو كانت الملازمة ثابتة بينهما على الاطلاق لما أمكن الانفكاك، وإن أريد بها ثبوتها في خصوص من علم بالوضع دون غيره فذلك أمر معقول، ولكنه خلاف الفرض، إذ المفروض أن الملازمة عين الوضع وهنا الملازمة متأخرة عن الوضع برتبتين.
القول الثاني: إن الوضع من الأمور الاعتبارية، ومتعلق ذلك الاعتبار هو الملازمة بين اللفظ والمعنى، فيكون الوضع عبارة عن جعل الملازمة بينهما بحسب الاعتبار، لا بحسب الواقع كما تقدم عن بعض الأعاظم (قده).
ولا يخفى أن المعنى المذكور وإن كان معقولا في نفسه، إلا أنه لا يرجع إلى نتيجة، لأنه إن أريد بذلك اعتبار الملازمة بين اللفظ الموجود في الخارج والمعنى الموجود خارجاً بأن يعتبر عند تحقق اللفظ خارجاً وجود المعنى في الخارج، فهو أمر خال عن الفائدة، لأن الانتقال إلى المعنى انما هو من الوجود الذهني للفظ، فلا أثر لفرض وجود واقع الماء في الخارج عند تحقق لفظ الماء خارجاً، وإن أريد به الملازمة بين وجود اللفظ ذهناً ووجود المعنى ذهناً أيضا، فإن كان المراد هو الملازمة بين وجوديهما على وجه الاطلاق فهو باطل، إذ يلزمه أن يعتبر الجاهل بالوضع عند تصوره اللفظ عالماً بالمعنى، مع أن اعتبار الملازمة بين تصور اللفظ والمعنى - بالإضافة إلى الجاهل - لغو محض، وإن ادعى أن الملازمة الاعتبارية ثابتة في حق خصوص من علم بالوضع، فهي لا محصل لها، فإن الملازمة - بين اللفظ والمعنى في الوجود الذهني - متحقق في نفس الأمر مع قطع النظر عن الاعتبار، وفي مثله لا معنى للاعتبار، لأنه من
نام کتاب : مصابيح الأصول نویسنده : بحر العلوم، السيد علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست