المقدّمة الرابعة: أنّ الأحكام الشرعية القانونية المترتّبة على موضوعاتها على قسمين:
أحدهما: الأحكام الإنشائية، و هي التي انشئت على الموضوعات ولم تبق على ما هي عليه في مقام الإجراء، كالأحكام الكلّية قبل ورود المقيّدات والمخصّصات ومع قطع النظر عنهما، أو لم يأنِ وقت إجرائها، كالأحكام التي بقيت مخزونة لدى وليّ العصر- عجّل اللَّه فرجه- ويكون وقت إجرائها زمان ظهوره؛ لمصالح [تقتضيها] العناية الإلهية.
ثانيهما: الأحكام الفعلية، و هي التي آنَ وقت إجرائها، وبلغ موقع عملها بعد تمامية قيودها ومخصّصاتها، ف أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[2] بهذا العموم حكم إنشائي، والذي بقي بعد ورود المُخصّصات عليه بلسان الكتاب و السنّة هو الحكم الفعلي، ونجاسة بعض الطوائف المنتحلة للإسلام وكفرهم حكمان إنشائيان في زماننا، و إذا بلغ وقت إجرائهما يصيران فعليين.
و أمّا الفعلية و الشأنية بما هو معروف- من أنّ الحكم بالنسبة إلى الجاهل والغافل و الساهي و العاجز يكون شأنياً، وبالنسبة إلى مقابليهم يصير فعلياً- فليس لهما وجه معقول؛ لأنّ الاشتراط الشرعي في بعضها غير معقول، مع عدم الدليل عليه في جميعها، والتصرّف العقلي غير معقول، كما سيتّضح لك.
وبالجملة: إنّ الأحكام المضبوطة في الكتاب و السنّة لا يعقل فيها غير هاتين