و إنّما ذكرت التجارة عن تراض؛ لكونها المصداق المتداول الكثير الدور، لا لخصوصيّة فيها.
و لا شبهة في أنّ التجارة اللاحق بها الرضا، تكون حقّا عرفاً لا باطلًا، فبيع الفضوليّ مع لحوق الإجازة به و بيع المكره كذلك، حقّ داخل في المستثنى.
و لو قلنا: بأنّ «الباء» للسببيّة، و يكون المراد من المستثنى منه حرمة أكل المال الحاصل بسبب باطل، يفهم منه ما ذكرناه أيضاً: من علّية الأسباب الباطلة لحرمة الأكل، فكلّ سبب باطل علّة لحرمة المال المكتسب به، و في مقابله كلّ سبب حقّ موجب لرفع الحرمة أو لجواز الأكل.
هذا كلّه بناءً على إفادة الاستثناء الحصر، كما لا يبعد بمقتضى المناسبات المذكورة، و عدم خلوّ واقعة إلّا و أنّها إمّا داخلة في الباطل أو الحقّ.
ثمّ لا إشكال في أنّ الاستثناء المنقطع في المحاورات و كلمات البلغاء، لا يكون جزافاً و بلا نكتة أدبيّة، و هي مختلفة، فربّما تكون النكتة ادعاء دخول المستثنى في المستثنى منه و من قبيل الحقائق الادعائيّة، كقوله: «ما رأيت أسداً إلّا زيداً» أو «ما جاءني حمار إلّا زيد» بدعوى أنّ زيداً داخل في المستثنى منه، و الاستثناء لإخراجه، فهو منقطع حقيقة، و متّصل ادعاءً.
و قد يكون الانقطاع لغاية المبالغة، و يكون الممدوح مثلًا فوق تلك المدائح، و تكون هي ذمّاً بالنسبة إليه، نظير قوله تعالى ما هذا بَشَراً[1] حيث نفي عنه ذلك لغاية المبالغة، فإذا قيل: «لا عيب فيه إلّا أنّه بشر» يكون الاستثناء لغاية المبالغة.
و ربّما يكون إيراد الاستثناء لمجرّد تأكيد الحكم في المستثنى منه بوجه