ملغاة في نظر العرف و العقلاء، فما هو موضوع في نظرهم لخروج الأكل عن كونه باطلًا، هو العقد برضاهما، سواء كان مقارناً أو متأخّراً؛ ضرورة عدم كون الأكل بالعقد الفضوليّ من أكل المال بالباطل عرفاً و شرعاً.
و لا يمكن الالتزام بكونه باطلًا استثني من قوله تعالى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ. [1] إلى آخره؛ ضرورة إبائه عن التخصيص إذ لا يصحّ أن يقال: «هذا الأكل بالباطل جائز».
و بالجملة: لا شبهة في عدم فهم العرف من الآية الكريمة إلّا لزوم كون التجارة برضاهما، من غير فرق بين الرضا المقارن و غيره.
و لعلّ الإتيان بما يظهر منه المقارنة؛ لكون الغالب كذلك، لا لعناية في نشوية منه، فالقيد غالبيّ لا يستفاد منه الاحتراز.
مضافاً إلى ما ذكرنا سابقاً: من أنّ المتفاهم العرفيّ من المستثنى منه، أنّ الباطل علّة لتعلّق الحرمة بأكل المال، فكأنّه قال: «لا تأكلوا أموالكم بينكم إذا كان باطلًا» [2].
و لأجل المقابلة بين المستثنى و المستثنى منه، و عدم صحّة استثناء مصداق من الباطل و إجازة أكله؛ لاستهجانه، و أنّ التجارة عن تراض حقّ عرفاً لا باطل، و المناسبات المغروسة في ذهن العقلاء، يستفاد من المستثنى أنّ استثناء التجارة عن تراض إنّما هو لكونها حقّا، لا لخصوصيّة التجارة، و لا لخصوصيّة عنوان الرضا، فكما أنّ العلّة لحرمة أكل قسم من المال كونه باطلًا، كذلك العلّة في الجواز عدم بطلانه، و هو مساوق عرفاً للحقّ.
فالخارج هو مطلق الأكل بالحقّ، و الداخل هو مطلق الأكل بالباطل،