و قد مرّ في نظائره [1] أنّ الانتساب إلى الذات، مبنيّ على حقيقة ادعائيّة، و مصحّح الدعوى أنّها محرّمة بجميع شؤونها، و في المقام يكون من شؤونها الإمساك و الحبس، فإذا كان الإمساك حراماً كان الردّ واجباً؛ لفهم العقلاء من حرمته وجوب ردّه على صاحبه.
و الظاهر أنّ مراد الشيخ (قدّس سرّه) من الاستدلال بحرمة الإمساك على وجوب الردّ [2]، هو دعوى فهم العرف من نحو قوله: «لا تمسك مال الناس» لزوم الردّ إلى صاحبه، سيّما من مثل هذه الرواية المصدّرة بلزوم ردّ الأمانات إلى أهلها، معلّلة بأنّه
لا يحلّ دم امرئٍ مسلم و لا ماله إلّا بطيبة نفسه.
و لا بدّ من انطباق الكبرى الكلّية التي هي تعليل أو بمنزلته، على الصغرى، فإن لم تكن الكبرى دالّة على وجوب الردّ، لم يصحّ جعلها تعليلًا لوجوبه.
إلّا أن يقال: وجوب ردّ الأمانة لا يلازم إيصالها إلى صاحبها، بل يراد منه رفع اليد و التخلية بينها و بين صاحبها، لكنّه خلاف ظواهر الأدلّة.
و كيف كان: لا أظنّ أن يكون مراد الشيخ الاستدلال من حرمة الضدّ على وجوب ضدّه، أو من وجوب نقيض الإمساك على وجوب الردّ؛ فإنّه أمر لا يمكن أن يغفل الشيخ الأعظم (قدّس سرّه) عن فساده، و لا يمكن توهّم رجوعه عن مبناه في الأُصول [3].
مع أنّه على القول به لا يلزم وجوب الردّ؛ لأنّ الردّ متقوّم برفع يد الدافع و إثبات يد القابض، و الرفع مقدّم على الإثبات دائماً، فيتّصف هو بالوجوب، دون
[1] تقدّم في الصفحة 166 و 446 447، المكاسب المحرّمة، الإمام الخميني (قدّس سرّه) 1: 19.