و أمّا الروايات الآمرة بإهراق الماء المتنجّس، فلأنّ الماء القليل الذي بقي في الإناء من فضل الكلب و نحوه، لا فائدة له نوعا سوى الشرب، أو الوضوء، أو غسل شيء به، و مع عدم جوازها لا بدّ من إهراقه، فلا تدلّ تلك الروايات على حرمة مطلق الانتفاع به، لو فرض له انتفاع، كصبّه على أصل شجر و نحوه.
مضافا إلى أنّ الروايات الواردة فيه، إنّما هي في مقام بيان أحكام أخر.
فقوله في الكلب: «إنّه رجس نجس لا يتوضّأ بفضله، و اصبب ذلك الماء، و اغسله بالتراب» [3]،
في مقام بيان عدم جواز التوضي به، و طريق تطهير الإناء، لا عدم جواز سائر الانتفاعات، سيّما مثل تطيين التراب به، و كذا حال سائر الروايات.
و أمّا ما فيها الأمر بإهراق المرق، مضافا إلى عدم نفع له إلّا الأكل الممنوع، فالأمر بإهراقه في رواية السكوني [4] لذلك، و الظاهر أنّه كناية عن حرمة أكله، كما يدلّ عليه قوله: و يغسل اللحم و يؤكل، أنّ
في رواية زكريا بن آدم: «يهراق المرق، أو يطعمه أهل الذمة، أو الكلب، و اللحم اغسله و كله» [5].
و إطعامهما نحو انتفاع به، سيّما إذا كان الذّمي ضيفا له، و الكلب لماشيته و حراسته. و فيها أيضا تجويز بيع
[1] الوسائل 16- 309، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 1 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 1.
[2] راجع نفس المصدر و الباب، منها: الروايات 3، 4 و 5.
[3] الوسائل 2- 1015، كتاب الطهارة، الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث 2.
[4] الوسائل 16- 376، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 44 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 1.
[5] الوسائل 17- 286، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 26 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1.