[1]، بتقريب أنّ النجاسات و المتنجّسات من الخبيثات و أنّ الحرمة إذا تعلّقت بذات الشيء، تفيد حرمة مطلق الانتفاعات، لأنّ التعلّق بها مبنيّ على الدّعوى، و هي أنسب لها.
و يظهر النظر فيه بعد ذكر الآية الكريمة، قال تعالى فَسَأَكْتُبُها- أي الرحمة- لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ. [2].
فإنّ مبنى الاستدلال، على دعوى تعلّق الحرمة على عنوان الخبيثات.
و أنت خبير بأنّ الآية ليست بصدد بيان تحريم الخبائث، بل بصدد الإخبار عن أوصاف النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأنّه يأمرهم بالمعروف. و ليس المراد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحرّم عنوان الخبائث أو ذاتها، و يحلّ عنوان الطيّبات أو ذاتها، بل بصدد بيان أنّه يحلّ كلّ ما كان طيّبا، و يحرّم كلّ ما كان خبيثا، بالحمل الشائع، و لو بالنهي عن أكله و شربه، فإذا نهى عن شرب الخمر، و أكل الميتة، و لحم الخنزير، و هكذا، يصدق أنّه حرّم الخبائث. فلا دلالة للآية على تحريم عنوان الخبائث، و هو ظاهر.
و من ذلك يظهر أنّ الاستدلال بمفهوم قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ[3]، ليس على ما ينبغي، فإنّ المراد من حلّية الطيّبات، حلّية ما كان طيّبا، بالحمل الشّائع، لا أنّ الحلّية متعلّقة بعنوان الطيّب أو ذاته.
و إن شئت قلت: إنّ هذا جمع للتعبير عمّا هو حلال، لا أنّ الحلال في