على كون الاستماع معصية كبيرة، بأن يقال: إنّ التنزيل في لسان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأنّ المستمع أحد المغتابين يصحّ مع اشتراك المستمع للمغتاب في أحكام حال التنزيل، و مقتضى إطلاقه اشتراكهما في جميع الأحكام في حال الدعوى و التنزيل.
و هو لا يقتضي اشتراكهما في الأحكام النازلة المتعلّقة بالمغتاب بعد التنزيل و الدعوى، فإنّ صحّة الدعوى و إطلاق التنزيل لا تقتضيان أزيد من ثبوت جميع الأحكام حال التنزيل، و من المحتمل أن يكون تنزيل المغتاب منزلة الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة، و إثبات حكم حبّ شياعها عليه بعد تنزيل المستمع منزلة المغتاب.
إلّا أن يقال: إنّ الغيبة لو كانت كبيرة كانت كذلك من أوّل الأمر، و لا يمكن انفكاك الكبيرة عن أصل المعصية.
لكنّه غير ثابت لأنّ الأحكام مجعولة وضعا و تكليفا، و يمكن أن تكون الغيبة ذات مفسدة ضعيفة في أوّل البعثة، فجعلت محرّمة، ثمّ حدثت فيها مفاسد أخرى شديدة، كالمفاسد الاجتماعية، فجعلت كبيرة و أوعد عليها النار الأليم، فدعوى عدم إمكان التفكيك تحتاج إلى بيّنة مفقودة في المقام.
و دعوى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم العالم بالأحكام الآتية لا محالة ينزل الشيء منزلة الآخر في جميع الأحكام السابقة و اللاحقة، فالإطلاق يقتضي ترتّبها عليه مطلقا، غير سديدة لأنّ طريق علمه الوحي الإلهي، و المفروض عدم الإيحاء إليه. و لو قلنا بأنّه عالم بها لإحاطته باللوح المحفوظ فهو علم غير عادي ليس مناط جعل الأحكام في ظاهر الشريعة، و لا شبهة في تدريجيّة الأحكام نزولا و إجراء و فعلية.
و بالجملة، الدعوى عدم الإطلاق بالنسبة إلى الأحكام المفقودة حال التنزيل و عدم ثبوته إلّا في الأحكام المحرزة حاله.
و إن شئت قلت: إنّ غاية ما أثبتناه بحكم الإطلاق في قبال مدّعي كفاية