لا يخفى أمره على اللّه تعالى، بقرينة سميعا عليما، أو كان التقدير: لكن من ظلم جهر بظلامته و من ظلم جهر بظلمه.
و عدم دليل على أنّ الاستثناء يكون من الجهر و التقدير: إلّا جهر من ظلم، لاحتمال كون التقدير في المستثنى منه و يكون التقدير: لا يحبّ اللّه الجهر من أحد بالسوء إلّا من ظلم، أو جهر أحد إلّا من ظلم، فيكون في مقام بيان الأشخاص لا الأقوال كما هو ظاهر عبارة تفسير القمّي [1].
فكأنّه قال: لا يجوز من أحد الجهر إلّا ممّن ظلم، و أمّا أنّ كلّ جهر لا يجوز فلا إطلاق لإثباته بل في مقام الإهمال من هذه الجهة، فلا تدلّ الآية على حرمة الغيبة حتّى يتشبّث بالاستثناء لتجويزها، و لو سلّم الإطلاق في المستثنى منه كما لا تبعد دعوى الفهم العرفي على تأمّل، فلا يسلم في المستثنى، لعدم إحراز كونه في مقام البيان فيه.
فلو دلّت على أنّ كلّ من ظلم يجوز له الجهر بالسوء لا تدلّ على جواز التقوّل بكلّ سوء و الإجهار بكلّ قول، و عند كلّ أحد و مع معلوميّة الظالم و ذكره باسمه، لعدم إطلاق في عقد الاستثناء.
كما لعلّه يشهد له ما روي في مجمع البيان عن أبي جعفر- عليه السلام-، قال: «في معناه أقوال: أحدها: لا يحبّ اللّه الشتم في الانتصار إلّا من ظلم، فلا بأس له أن ينتصر ممّن ظلمه ممّا يجوز الانتصار به في الدين، عن الحسن و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر- عليه السلام. و نظيره: وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا. قال الحسن:
و لا يجوز للرجل إذا قيل له يا زاني أن يقابل له بمثل ذلك من أنواع الشتم» [2]