شمول الأدلّة للدفع أيضا لو لم نقل بأنّ الواجب هو الدفع، بل يرجع الرفع إليه حقيقة، فإنّ النهي عبارة عن الزجر عن إتيان المنكر، و هو لا يتعلّق بالموجود إلّا باعتبار ما لم يوجد، فإنّ الزجر عن إيجاد الموجود محال عقلا و عرفا، فإطلاق أدلّة النهي عن المنكر شامل للزجر عن أصل التحقّق و استمراره، فلو علم من أحد إرادة إيجاد الحرام و همّ به و اشتغل بمقدّماته مثلا، وجب نهيه عنه، فإنّ المراد بالمنكر الذي يجب النهي عنه طبيعته لا وجوده.
بل لو فرض عدم إطلاق فيها من هذه الجهة و كان مصبّها النهي عن المنكر بعد اشتغال الفاعل به، لا شبهة في إلغاء العرف خصوصيّة التحقّق بمناسبات الحكم و الموضوع.
فهل ترى من نفسك أنّه لو أخذ أحد كأس الخمر ليشربها بمرئي و منظر من المسلم يجوز له التماسك عن النهي حتّى يشرب جرعة منها ثمّ وجب عليه النهي؟
و هل ترى عدم وجوب النهي عن المنكر في الدفعيّات و الوجودات الصرفة الدفعيّة؟ و لعمري أنّ التشكيك فيه كالتشكيك في الواضحات.
ثمّ لو قلنا بوجوب دفع المنكر فتارة يكون بوجوده الساري منكرا كشرب الخمر و تخميرها، و أخرى بصرف وجوده.
و على الأوّل تارة يكون المشتري مريدا لتخمير كلّ عنب يشتريه، و أخرى لا يريد إلّا تخمير مصداق واحد.
لا ينبغي الإشكال في الحرمة على الأوّل من الأوّل، لأنّ دفع كلّ مصداق من المنكر واجب فرضا، و المفروض أنّ كلّ عنب يشتري الخمّار يجعله خمرا، فترك كلّ بيع دفع عن منكر مستقلا فهو واجب.
و أمّا بناء على أنّ المنكر صرف وجود التخمير مثلا أو لا يخمّر المشتري إلّا