و هي و إن كانت بصدد بيان التوضّي من الماء، و الظاهر أن شبهته من جهة تنجّس الماء، أو احتماله لذلك، لكن نفي البأس عن الوضوء- مع أنّه نحو انتفاع بالحبل، سيّما أنّ مقتضى إطلاقها جوازه لو كان المتوضّي هو الذي يستقي الماء به- دليل على عدم حرمة الانتفاع به.
و توهّم أنّ الوضوء ليس انتفاعا بالحبل، بل انتفاع بالماء و الانتفاع بالحبل إنّما هو إخراج الماء به، لا الوضوء من الماء الخارج [2]، فاسد. ضرورة أنّ الانتفاع بالحبل هو رفع نحو حاجة به. و شدّ الحبل بالدلو، و إلقاؤه في البئر، و إخراج الماء منه، مقدّمات الانتفاع، و إنّما الانتفاع هو شرب الماء و التوضّي به و نحوهما.
ففرق بين حرمة التصرّف في الشيء، و حرمة الانتفاع به، فلو حرم الانتفاع بشجر مثلا لا يجوز الاستظلال به و التوقّف تحت ظلّه توقّيا عن الحرّ و المطر، مع أنّه ليس تصرّفا فيه، فلو حرم الانتفاع بالوادي لا يجوز شرب مائه، و لو بعد أخذه في قربة، و لا يجوز سقي الزرع و الأشجار بمائه، و لو بعد جريانه في الأنهار و السواقي، لصدق الانتفاع به.
و في المقام لو أخرج الماء بالحبل من البئر، و أهريق قهرا، لا يصدق أنّه انتفع بالبئر، و لا بالدلو و الحبل، بخلاف ما لو استعمله في الحوائج.
و قريب منها موثقته عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- [3].
[1] الوسائل 1- 125، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
[2] راجع الحدائق 5- 210، في نجاسة الكلب و الخنزير.
[3] لم نجد موثّقة زرارة، نعم في الوسائل 1- 126، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 3، و في الكافي 6- 258، كتاب الأطعمة. و في موضعين آخرين من الوسائل «عن الحسين بن زرارة عن أبي عبد اللّه- عليه السلام. و ذكرا الحديث، قريبا من صحيحة زرارة.