على أية حال، الإسلام ينطوي على جميع تلك المعاني التي أشرنا إليها، فهو يضم الجوانب المادية والمعنوية والغيبية والظاهرة، لأن الإنسان ذاته ينطوي على جميع المراتب، والقرآن الكريم كتاب لبناء الإنسان. ولأن الإنسان- كما أشرنا- ينطوي على مختلف المراتب بالقوة، فإن كتاب الله جاء ليجعل من هذا الإنسان بالقوة إنساناً بالفعل، وبكامله ذاتياً- بنفس الطريقة التي يقوم فيها الإنسان بإصلاح مجتمعه- حتى يبلغ المرتبة السامية.
لا ينبغي لهذه الفئة أن تتعرض لتلك، ولا لتلك الفئة أن تتعرض لهذه، فكل فئة من هؤلاء تتبنّى قضية مستقلة ومسألة محدودة لحالها. عقلك أنت لا يستوعب ما هو (الفقه) مثلًا، فلماذا تعتدي على الفقه؟ عقلك لا يستوعب ما هي (الفلسفة) وما فوق الفلسفة، لماذا تتجاسر على أصحابها؟ فأنت الذي لا تستطيع ان تستوعب. فإن من لا يستطيع فهم ما تقوله تلك الطائفة أو الفئة، وما تتوخّاه لا يحقّ لهُ الاعتراض عليها، فقد يكون فكره هو محدوداً!
على الجميع أن يتكاتفوا فيما بينهم، ويتعاضدوا، يجب أن يتوحّدوا فقيهاً ومهندساً وطبيباً وطلاباً وجامعيين وطلبة مدارس، على الجميع أن يتآزروا، حتى يتمكّنوا من القيام بعمل ما، ليتخلّصوا من هذه الأعباء. ولكنهم لا يفعلون، وأنا أجهل لماذا لا يتحركون؟ لقد سَرَتْ تباشير الحركة الآن في ايران، وأشارت الى سنوح الفرصة، والأمل- إن شاء الله- أن تتحقّق فرص طيِّبة أخرى.