responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ميزان الحكمة نویسنده : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    جلد : 3  صفحه : 2140
ومن نفسه، حيث يقول تعالى: * (وما يضل به إلا الفاسقين) * فقد جعل إضلاله في تلو الفسق لا متقدما عليه، هذا. ثم إن الهداية والإضلال كلمتان جامعتان لجميع أنواع الكرامة والخذلان التي ترد منه تعالى على عباده السعداء والأشقياء، فإن الله تعالى وصف في كلامه حال السعداء من عباده بأنه يحييهم حياة طيبة، ويؤيدهم بروح الإيمان، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويجعل لهم نورا يمشون به، وهو وليهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهو معهم يستجيب لهم إذا دعوه ويذكرهم إذا ذكروه، والملائكة تنزل عليهم بالبشرى والسلام إلى غير ذلك. ووصف حال الأشقياء من عباده بأنه يضلهم ويخرجهم من النور إلى الظلمات ويختم على قلوبهم، وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ويطمس وجوههم على أدبارهم، ويجعل في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، ويجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فيغشيهم فهم لا يبصرون، ويقيض لهم شياطين قرناء يضلونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون، ويزينون لهم أعمالهم وهم أولياؤهم، ويستدرجهم الله من حيث لا يشعرون، ويملي لهم إن كيده متين، ويمكر بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون. فهذا نبذة مما ذكره سبحانه من حال الفريقين، وظاهرها أن للإنسان في الدنيا وراء الحياة التي يعيش بها فيها حياة اخرى سعيدة أو شقية ذات اصول وأعراق يعيش بها فيها، وسيطلع ويقف عليها عند انقطاع الأسباب وارتفاع الحجاب، ويظهر من كلامه تعالى أيضا أن للإنسان حياة اخرى سابقة على حياته الدنيا يحذوها فيها كما يحذو حذو حياته الدنيا فيما يتلوها، وبعبارة اخرى: إن للإنسان حياة قبل هذه الحياة الدنيا وحياة بعدها، والحياة الثالثة تتبع حكم الثانية والثانية حكم الاولى، فالإنسان وهو في الدنيا واقع بين حياتين: سابقة ولاحقة، فهذا هو الذي يقضي به ظاهر القرآن. لكن الجمهور من المفسرين حملوا القسم الأول من الآيات وهي الواصفة للحياة السابقة على ضرب من لسان الحال واقتضاء الإستعداد، والقسم الثاني منها وهي الواصفة للحياة اللاحقة على ضروب المجاز والإستعارة، هذا. إلا أن ظواهر كثير من الآيات يدفع ذلك: أما القسم الأول وهي آيات الذر والميثاق فستأتي في مواردها، وأما القسم الثاني فكثير من الآيات دالة على أن الجزاء يوم الجزاء بنفس الأعمال وعينها، كقوله تعالى: * (لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون) * [1]، وقوله تعالى: * (ثم توفى كل نفس ما كسبت... الآية) * (2)، وقوله تعالى: * (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة) * (3)، وقوله تعالى: * (فليدع ناديه * سندع الزبانية) * (4)، وقوله تعالى: * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير

[1] التحريم: 7. (2 - 3) البقرة: 281، 24. (4) العلق: 17، 18.

نام کتاب : ميزان الحكمة نویسنده : المحمدي الري شهري، الشيخ محمد    جلد : 3  صفحه : 2140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست