من حيث لم يدر، و ينبغي أن يعلم
أنّ مرجع الضمير على التقديرين مختلف، فعلى الأوّل هو موضع البول، و على الثّاني
البئر، و يقرب كون أحدهما تصحيفا للآخر لما بينهما في الخطّ من التناسب.
و
قوله: «يثقب» يحتمل أن يكون بالنون و بالثاء المثلّثة، ففي القاموس النقب: الثقب.
و أمّا العبارة الّتي سقطت من رواية الشّيخ، فهي باعتبار صراحتها في حصول التنجيس
يترتّب على وجودها و عدمها في الجملة اختلاف معنويّ، و لكن ذكر الفاضل في المنتهى
أنّ القائلين بانفعال البئر بالملاقاة، متّفقون على عدم حصول التنجيس بمجرّد
التقارب بين البئر و البالوعة و إن كان كثيرا، فلا بدّ من تأويل هذا الخبر عندهم
أيضا.
و
قد قرّر في المنتهى بطريق السؤال دلالته على التنجيس من خمسة وجوه:
أحدها
تعليق عدم التنجيس بعدد فينتفي بانتفاعه. و ثانيها النهي عن الوضوء من كون البعد
أقلّ من تسع أذرع و ما ذاك إلّا للتنجيس. و ثالثها تعليق نفي البأس على انتفاء
القرار فإنّه يدلّ بالمفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.
و
رابعها اشتراط نفي البأس ثانيا بقلّة المستقرّ فمفهومه ثبوت البأس مع كثرته.
و
خامسها النصّ على ثبوت التنجيس مع الاستنقاع بقوله «إنّما ذلك إذا استنقع».
ثمّ
أجاب عن الأوّل بالمنع، و عن الثاني بمنع كون النهي للتحريم، و لو سلّم منع كونه
للتنجيس للاتّفاق الّذي حكيناه عنه، و عن الثالث و الرّابع بضعف دلالة المفهوم، و
مع تسليمه بمنع استلزام البأس للتحريم، و عن الخامس بأنّ الاشارة إلى البأس لا إلى
التنجيس. و ذكر أيضا أنّ رواة الحديث لم يسندوه إلى إمام، و يجوز أن يكون قولهم:
«قلنا» إشارة إلى بعض العلماء.
قال:
و هذا الاحتمال و إن كان مرجوحا إلّا أنّه غير ممتنع، و اندفاع هذا الكلام الأخير
يعلم ممّا حقّقناه في الفائدة الثامنة من مقدّمة الكتاب.
و
أمّا جوابه عن الوجوه الخمسة، ففيه القويّ و الضعيف كما لا يخفى، و الحقّ أنّ
للخبر دلالة على حصول التنجيس في بعض الصور المفروضة فيه