قلت:
حمل الشّيخ هذا الخبر على ما إذا لم يكن لماء الحمّام مادّة، و هو بعيد، و لا
ضرورة إليه إذ عدم النهي أعمّ من الأمر فيحمل على إباحة الاغتسال بغير مائه حينئذ،
أو رجحانه، و يزاد لتقريبه حمل الماء على القلّة مع المادّة، فإنّ التغيّر يسرع
إليه و الحال هذه و لو بغير النجاسة، و قد مرّ مثله في حديث الغدير الّذي يستقى
فيه من بئر، و في خبر الماء الآجن.
صحر:
محمّد بن الحسن، بإسناده، عن أحمد بن محمّد- يعني ابن عيسى-، عن عبد الرّحمن بن
أبي نجران، عن داود بن سرحان، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في
ماء الحمّام؟ قال: هو بمنزلة الماء الجاري.
قلت:
هذا الحديث محمول على ما هو الغالب من وجود المادّة الكثيرة لماء الحمّام فيساوي
حينئذ غيره من المياه.
[1] ينبغي هنا أن نعرف وضع الحمامات فى تلك العصور حتى
نعرف مدلول الخبر فتقول و باللّه التوفيق: الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات
كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة، البيت الاول بارد يابس، فيه ينزعون ثيابهم، و الثانى
بارد رطب، فيه مخزن الماء البارد، الثالث حار رطب، فيه مخزن الماء الحار، الرابع
حار يابس، فيه يحمى المستحم جسده فيدلك( راجع الرسالة الذهبية طب الرضا عليه
السّلام ص 94 و مستدرك الوسائل ج 1 ص 54). و فى البيت الثالث الذى فيه مخزن الماء
الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة فقط، و كان ممنوعا على المغتسل الارتماس فى
مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا، و كانت حول المخزن مواضع و مصطبات يقوم
المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه و خرج الغسالة منه الى
البئر المذكور أو الحوض، و كانت فى بعض الحمامات حول مخزن الماء الحار حياض صغار
يخرج الماء من المخزن فى أنابيب خاصة الى تلك الحياض و يأخذ كل مستحم الماء من
الانبوب بقدر حاجته. و الظاهر أن المراد بماء الحمام ماء المخزن الحار الذي يؤخذ
من الانبوب أو من نفس المخزن بالمشربة. و أخبار الباب فى باب دخول الحمام من
التهذيب.