الحمد
للّه الّذي نطقت بحديث وجوب وجوده و أزليّته آيات سلطانه و عجائب عظمته؛ و شهدت
بكماله في ذاته و صفته بيّنات عدله و حكمته؛ و أدهشت ألباب العارفين آثار جلال
عزّته؛ و أسلم من في السّموات و الأرضين طوعا و كرها لقضائه و مشيّته، الّذي لا
يضيع عنده عمل عامل بصحيح نيّته، و لا يخيب لديه رجاء راج حسن الظّن برحمته، بل لا
يتعاظمه الغريق في لجّة خطيئته أن ينقذه بسعة مغفرته.
أحمده
شكرا لنعمته، و أعوذ بعفوه من عقوبته، و أسأله أن يشعرنا كثرة خشيته، و يشرب
قلوبنا شدّة مراقبته، و يجعل أقوالنا و أفعالنا كلّها خالصة لوجهه، و يهدينا لما
اختلف فيه من الحقّ بإذنه، و يدخلنا في عداد أوليائه الّذين سبقت لهم منه الحسنى،
و أسعدهم في الآخرة و الأولى.
و
أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، شهادة تقرّبنا إليه زلفى، و تبعّدنا
عمّا يوجب لنا النّدامة في العقبى.
و
أشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده و رسوله؛ أرسله هاديا إلى الطريقة المثلى، و داعيا
إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة الّتي هي لما في الصّدور شفاء.
صلّى
اللّه عليه و آله مصابيح الدّجى، و الحجج الواضحة لأهل الحجى، و سلّم تسليما.
أما
بعد: فهذا كتاب منتقى الجمان في الأحاديث الصّحاح و الحسان، أجمعنا على أن نورد
فيه بتوفيق اللّه تعالى ما تبيّن لنا انتظامه في سلك الاتّصاف