[2]. الوناء: الفتور و الضعف و الكلال و الاعياء،
و الناكل: الضعيف، و نكل عن العدو أى جبن و ضعف.
[3]. أي أظهر سبحانه للناس أن ليس له ذنب في دعوته
الى التوحيد و رفض الطواغيت حيث زعموا أنّه مخطئ في هذه الدعوة كما قيل في قوله
تعالى« إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ
ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ» و الا فلا ربط بين فتحه تعالى
له مكّة و بين غفران ذنبه الا أن نقول: المراد بالذنب ما زعمه المشركون من جعل
الالهة الها واحدا أو أنه يريد الرئاسة و السلطنة عليهم أو ما ربما يزعمه طائفة من
الذين هاجروا معه بعد ما أصابهم.
و الظاهر كما يفهم من الفقرات
الماضية أن قوله عليه السلام« و غفر ذنبه» اشارة الى قوله تعالى«
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ- الخ» و بعد ما ثبت في أصول
المذهب عصمته( ص) حتى من السهو و النسيان فلا بدّ من التوجيه، فقيل المراد ذنب
امته لانهم منسوبون إليه. و لما لم يكن ربط بين فتحه تعالى عليه مكّة و بين غفران
ذنبه تعين أن المراد بالذنب ما زعمه الأمة فبعد ما فتح اللّه سبحانه عليه( ص) مكّة
و دخله من غير دم يهريقه و لا استيصال من أهله و لا أخذهم بما قدموا من العداوة له
و البغضاء و قوله« لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ
اللَّهُ لَكُمْ» تبين للمشركين أنّه صادق في ادعائه و لا يريد
الرئاسة عليهم، و لعلّ المراد بما تقدم ما كان قبل الهجرة. و أمّا ما تأخر فذلك أن
طائفة من الذين هاجروا معه بل أكثرهم لما أصابتهم من جراء هذه الدعوة الشدائد و
المحن و الفاقة-- و الفقر و البأساء و الضراء و المرض و البعد عن الوطن المألوف و
فراق الاهل و الاولاد و غيرها ضاق بهم ذرعا و لم يكن لهم صبر على ما أصابهم فربما
ظنوا في أنفسهم ظنونا و قالوا متى نصر اللّه و جماعة منهم ظنوا أنهم قد كذبوا فبعد
أن جاء النصر من عند اللّه و فتح اللّه سبحانه عليهم مكّة و خضع لهم كل شريف، و ذل
لهم كل متكبر و انقضت أيّام البلاء و طلع بياض المجد و الرخاء و خرجوا من ضيق
الدنيا الى سعتها و من جور الزمان الى عدل الإسلام و دخل الناس في الدين أفواجا
تبين لهم أنهم خاطئون في فكرتهم و هو المصيب في دعوته و سيرته و الصادق في وعده و
وعيده فصار ذنبه مغفورا عندهم. و قد روى المؤلّف في العيون عن الرضا عليه السلام«
أنه سئل عن هذه الآية فقال:« لم يكن أحد عند مشركى أهل مكّة أعظم ذنبا من رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله لانهم كانوا يعبدون ثلاثمائة و ستين صنما فلما جاءهم
بالدعوة الى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم و قالوا« أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً
واحِداً- الى قوله- إِلَّا اخْتِلاقٌ» فلما فتح اللّه على نبيه( ص)
مكّة قال تعالى:« إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ
لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ» عند مشركى مكّة بدعائك الى
توحيد اللّه فيما تقدم و ما تأخر لان مشركى مكّة أسلم بعضهم و خرج بعضهم عن مكّة و
من بقى منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه مغفورا
عندهم بظهوره عليهم.
نام کتاب : من لا يحضره الفقيه نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 428