نام کتاب : مستدرك الوسائل نویسنده : المحدّث النوري جلد : 13 صفحه : 163
كره الله لأوليائه ، واقعاً ذلك من هواك حيث وقع ، والصق بأهل الورع
والصدق ، ثم رضهم على أن لا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنّ كثرة
الاطراء يحدث الزهو [٩٣] ويدني من العزة ، ولا يكونن المحسن والمسئ عندك
بمنزلة سواء ، فإنّ في ذلك تزهيداً لأهل الاحسان في الاحسان ، وتدريباً لأهل
الإساءة على الإساءة ، والزم كلّاً منهم ما الزم نفسه.
واعلم أنّه ليس
شيء بأدعى إلى حسن ظن وال [٩٤] برعيته ، من احسانه
إليهم ، وتخفيفه للمؤونات عنهم ، وترك استكرامه إيّاهم على ما ليس له قبلهم ،
فليكن منك في ذلك امر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك ، فإنّ حسن الظن
يقطع عنك نصباً طويلاً ، وأنّ أحق من حسن ظنك به ، لمن حسن بلاؤك عنده ،
وأنّ أحق من ساء ظنك به ، لمن ساء بلاؤك عنده ، ولا تنقض [٩٥] سنّة صالحة عمل
بها صدور هذه الأمّة ، واجتمعت بها الألفة ، وصلحت عليها الرعية ، ولا تحدثنّ
سنّة تضر بشيء من ماضي تلك السنن فيكون الأجر لمن سنّها ، والوزر عليك
بما نقضت منها ، وأكثر مدارسة العلماء ، ومناقشة الحكماء ، في تثبيت ما صلح
عليه أمر بلادك ، وإقامة ما استقام به الناس قبلك.
واعلم أن
الرعية طبقات ، لا يصلح بعضها إلّا ببغض ، ولا غنى ببعضها
عن بعض ، فمنها جنود الله ، ومنها كتّاب العامة والخاصة ، ومنها قضاة العدل ،
ومنها عمال الانصاف والرفق ، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة
الناس ، ومنها التجار وأهل الصناعات ، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة
والمسكنة ، وكلّ قد سمّى الله سهمه ، ووضع على حدّه فريضة في كتابه أو سنّة
نبيه محمّد صلّى الله عليه وآله ، عهدا منه عندنا محفوظا.
فالجنود بإذن
الله حصون الرعية ، وزين الولاة ، وعزّ الدين ، وسبل
[٩٣] الزهو : الكبر والاختيال (القاموس
المحيط «زهو» ج ٤ ص ٣٤٠).