نام کتاب : مستدرك الوسائل نویسنده : المحدّث النوري جلد : 13 صفحه : 148
ممّن لا يعاون ظالماً على ظلم ، ولا آثماً على اثم ، فاتخذ من أولئك خاصّة
تجالسهم
في خلواتك ، ويحضرونك [٢٨] في ملئك ثم ليكن أكرمهم عليك أقولهم للحق ،
وأحوطهم على رعيتك بالانصاف ، وأقلّهم لك مناظرة بذكر ما كره لك ، والصق
بأهل الورع والصدق ، وذوي العقول والاحسان ، وليكن أبغض أهلك
ووزرائك إليك أكثرهم لك اطراء [٢٩] بما فعلت ، أو تزييناً لك بغير ما فعلت ،
وأسكتهم عنك صانعاً بما صنعت ، فإنّ كثرة الاطراء يكثر الزهو ويدني من
العِزَّة ، وأكثر القول إن يشرك فيه تزكية السلطان ، لأنّه (لا يقصر به) [٣٠] على
حدود الحق ، دون التجاوز إلى الافراط ولا تجمعن المحسن والمسيء عندك
منزلة [٣١] يكونان فيها سواء ، فإنّ ذلك تزهيد لأهل الاحسان في احسانهم ،
وتدريب لأهل الإساءة في اساءتهم ، واعلم أنّه ليس شيء ادعى بحسن ظن وال
برعيته ، من احسانه إليهم ، وتخفيف المؤن عنهم ، وقلّة الاستكراه لهم ، فليكن
لك في ذلك ما يجمع لك حسن الظن برعيتك ، فإنّ حسن الظن بهم يقطع عنك
هموماً كثيرة ، وإنّ أحقّ من حسن ظنّك به من حسن عنده بلاؤك من أهل الخير ،
وأحق من ساء ظنك به من ساء عنده بلاؤك ، فاعرف موضع ذلك ولا تنقض سنّة
صالحة عمل بها الصالحون قبلك ، واجتمعت بها الألفة ، وصلحت عليها
العامة ولا تحدثن سنة تضر بشيء من ماضي سنن العدل التي سنّت قبلك ،
فيكون الأجر لمن سنّها والوزر عليك بما نقضت منها ، وأكثر مدارسة العلماء
ومناظرة الحكماء في تثبيت سنن العدل على مواضعها ، وإقامتها على ما صلح به
الناس ، فإنّ ذلك يحيي الحق ويميت الباطل ، ويكتفي به دليلاً على ما يصلح
به الناس ، لأنّ السنّة الصالحة من أسباب الحق التي يعرف بها ، ودليل
أهلك إلى السبل إلى طاعة الله فيها.