خُلِقْتُمْ إِنَّمَا الدُّنْيَا كَالسَّمِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ وَ قَالَ النَّاسُ مَا أَخَّرَ فَقَدِّمُوا فَضْلًا يَكُنْ لَكُمْ وَ لَا تُؤَخِّرُوا كُلًّا يَكُنْ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ الله خَيْرَ مَالِهِ وَ الْمَغْبُوطَ مَنْ ثَقَّلَ بِالصَّدَقَاتِ وَ الْخَيْرَاتِ مَوَازِينَهُ وَ أَحْسَنَ فِي الْجَنَّةِ بِهَا مِهَادَهُ وَ طَيَّبَ عَلَى الصِّرَاطِ بِهَا مَسْلَكَهُ.
قَالَ الصَّادِقُ ع عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْخَلُ بِالدُّنْيَا وَ هِيَ مُقْبِلَةٌ عَلَيْهِ أَوْ يَبْخَلُ بِهَا وَ هِيَ مُدْبِرَةٌ عَنْهُ فَلَا الْإِنْفَاقُ مَعَ الْإِقْبَالِ يَضُرُّهُ وَ لَا الْبُخْلُ وَ الْإِمْسَاكُ مَعَ الْإِدْبَارِ يَنْفَعُهُ.
وَ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا كَتَبَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع يَا سَيِّدِي أَخْبِرْنِي بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ أُمُورَ النَّاسِ وَ مَنْ طَلَبَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ وَ السَّلَامُ.
وَ قَالَ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ بَيْنَا أَنَا أَسِيرٌ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي الْحِيرَةِ إِذَا نَحْنُ بِدَيْرَانِيٍّ يَضْرِبُ بِالنَّاقُوسِ قَالَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع أَ تَدْرِي مَا يَقُولُ هَذَا النَّاقُوسُ فَقُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ يَضْرِبُ مَثَلَ الدُّنْيَا وَ خَرَابِهَا وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً صِدْقاً صِدْقاً إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ غَرَّتْنَا وَ شَغَلَتْنَا وَ اسْتَهْوَتْنَا وَ اسْتَغْوَتْنَا يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلًا مَهْلًا يَا ابْنَ الدُّنْيَا دَقّاً دَقّاً يَا ابْنَ الدُّنْيَا جَمْعاً جَمْعاً تُفْنِي الدُّنْيَا قَرْناً قَرْناً مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إِلَّا أَوْهَى مِنَّا رُكْناً قَدْ ضَيَّعْنَا دَاراً تَبْقَى وَ اسْتَوْطَنَّا دَاراً تَفْنَى لَسْنَا نَدْرِي مَا فَرَّطْنَا فِيهَا إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنَا قَالَ الْحَارِثُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ النَّصَارَى يَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالَ لَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ مَا اتَّخَذُوا الْمَسِيحَ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الدَّيْرَانِيِّ فَقُلْتُ لَهُ بِحَقِّ الْمَسِيحِ عَلَيْكَ لَمَّا ضَرَبْتَ بِالنَّاقُوسِ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَضْرِبُهَا قَالَ فَأَخَذَ يَضْرِبُ وَ أَنَا أَقُولُ حَرْفاً حَرْفاً حَتَّى بَلَغَ إِلَى مَوْضِعِ إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنا فَقَالَ بِحَقِّ نَبِيِّكُمْ مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قُلْتُ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مَعِي أَمْسِ فَقَالَ وَ هَلْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّبِيِّ مِنْ قَرَابَةٍ قُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ قَالَ بِحَقِّ نَبِيِّكُمْ أَ سَمِعَ هَذَا مِنْ نَبِيِّكُمْ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ لِي وَ اللَّهِ إِنِّي وَجَدْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخَرِ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ وَ هُوَ يُفَسِّرُ مَا يَقُولُ النَّاقُوسُ.
وَ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِفَاطِمَةَ ع فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَطَالَ عِنْدَهَا الْمَكْثَ فَخَرَجَ مَرَّةً فِي سَفَرٍ وَ صَنَعَتْ فَاطِمَةُ ع مَسَكَتَيْنِ مِنْ وَرِقٍ وَ قِلَادَةً وَ قُرْطَيْنِ وَ سِتْراً لِبَابِ الْبَيْتِ لِقُدُومِ أَبِيهَا وَ زَوْجِهَا ع فَلَمَّا قَدِمَ