الْخَلَفُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَالْبُخْلُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَالْمَعْصِيَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ عَدُوّاً فَالْغَفْلَةُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ الْمَمَرُّ عَلَى الصِّرَاطِ حَقّاً فَالْعُجْبُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَ قَدَرٍ فَالْحُزْنُ لِمَا ذَا وَ إِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا فَانِيَةً فَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَيْهَا لِمَا ذَا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَغْفَلُ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَتَّعِظْ بِتَغَيُّرِ الدُّنْيَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَ أَغْنَى النَّاسِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحِرْصِ أَسِيراً.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَ الْحُكَمَاءُ إِذَا كَاتَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَتَبُوا بِثَلَاثٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّاسِ.
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ دَاوُدَ ع خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَقْرَأُ الزَّبُورَ وَ كَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ لَا يَبْقَى جَبَلٌ وَ لَا حَجَرٌ وَ لَا طَائِرٌ وَ لَا سَبُعٌ إِلَّا وَ جَاوَبَهُ فَمَا زَالَ يَمُرُّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَبَلٍ فَإِذَا عَلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ نَبِيٌّ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ فَلَمَّا سَمِعَ دَوِيَّ الْجِبَالِ وَ أَصْوَاتَ السِّبَاعِ وَ الطَّيْرِ عَلِمَ أَنَّهُ دَاوُدُ ع فَقَالَ دَاوُدُ يَا حِزْقِيلُ أَ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْعَدَ إِلَيْكَ قَالَ لَا فَبَكَى دَاوُدُ فَأَوْحَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَيْهِ يَا حِزْقِيلُ لَا تُعَيِّرْ دَاوُدَ وَ سَلْنِي الْعَافِيَةَ فَقَامَ حِزْقِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِ دَاوُدَ فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ دَاوُدُ يَا حِزْقِيلُ هَلْ هَمَمْتَ بِخَطِيئَةٍ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ دَخَلَكَ الْعُجْبُ بِمَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ رَكَنْتَ إِلَى الدُّنْيَا فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ شَهْوَتِهَا وَ لَذَّتِهَا قَالَ رُبَّمَا عَرَضَ بِقَلْبِي قَالَ فَمَا تَصْنَعُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ قَالَ أَدْخُلُ هَذَا الشِّعْبَ فَأَعْتَبِرُ مِمَّا فِيهِ قَالَ فَدَخَلَ دَاوُدُ النَّبِيُّ ع فَإِذَا سَرِيرٌ مِنْ حَدِيدٍ عَلَيْهِ جُمْجُمَةٌ بَالِيَةٌ وَ عِظَامٌ فَانِيَةٌ فَإِذَا لَوْحٌ مِنْ حَدِيدٍ فِيهِ كِتَابَةٌ فَقَرَأَهَا دَاوُدُ ع فَإِذَا هِيَ أَنَا فُلَانٌ مَلَكْتُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ بَنَيْتُ أَلْفَ مَدِينَةٍ وَ افْتَضَضْتُ أَلْفَ بِكْرٍ فَكَانَ آخِرَ عُمُرِي أَنْ صَارَ التُّرَابُ فِرَاشِي وَ الْحِجَارَةُ وِسَادَتِي وَ الدِّيدَانُ وَ الْحَيَّاتُ جِيرَانِي فَمَنْ زَارَنِي فَلَا يَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي بَعْضِ خُطَبِهِ أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ وَ لَا تَهْتِكُوا أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَسْرَارُكُمْ وَ أَخْرِجُوا مِنَ الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ فَفِي الدُّنْيَا حُبِسْتُمْ وَ لِلْآخِرَةِ