أبو نعيم الاصفهانى صاحب كتاب «حلية الأولياء» و غيره؛ و أخبرنى بعض العلماء انّه لمّا دخل مكّة حرّسها اللّه أعجبته، فقال: أللّهم ارزقنى الاقامة سنة، فسمع هاتفا يقول له: بل ثلاثين سنة، فعاش بعد ذلك ثلاثين ثمّ مات بها فى المحرّم سنة ستين و ثلاثمأة انتهى.
و هو غير شيخهم الاستاد أبى بكر بن فورك المتكلم الاصولىّ النّحوى الواعظ الاصفهانىّ و إن كان هو أيضا يسمّى ب محمد بن الحسن فانّ جدّه فورك و شأنه الزهد و الموعظة و العرفان، و بلده دار السّلطنة اصبهان و طبقته متأخرة عن الأوّل بما يقرب من مأة سنة.
و ذكره ابن خلكان المؤرخ في موضع على حدّة فقال فى ترجمته انّه أقام بالعراق مدّة يدرّس العلم، ثمّ توجه إلى الرّى؛ فسمعت به المبتدعة، فراسله أهل نيسابور و التمسوا منه التوجه إليهم ففعل و ورد نيسابور فبنوا له بها مدرسة و دارا و أحيى اللّه به أنواعا من العلوم، و لمّا استوطنها و ظهرت بركته على جماعة من المتفقّهة بها، و بلغت مصنّفاته فى اصول الفقه و الدّين و معاني القرآن قريبا من مأة مصنّف.
دعى إلى مدينة غزنة الّتى تقدّمنا الإشارة إليها فى ذيل ترجمة الحكيم سنائى و جرت له بها مناظرات كثيرة.
و من كلامه: شغل العيال نتيجة متابعة الشّهوة بالحلال فما ظنّك بقضية شهوة الحرام. و كان شديد الرّد على أصحاب أبى عبد اللّه بن كرام.
ثمّ عاد إلى نيسابور فسمّ فى الطريق، فمات هناك و نقل إلى نيسابور، و دفن بالحيرة و مشهده بها ظاهر يزار، و يستشفى به و تجاب الدّعوة عنده.
و كانت وفاته سنة ستة و أربعمأة و قال أبو القاسم القشيرى فى «الرسالة» سمعت أبى علىّ الدّقّاق رحمه اللّه يقول دخلت على أبى بكر بن فورك عائدا، فلمّا رآنى دمعت عيناه فقلت له: انّ اللّه سبحانه و تعالى يعافيك فقال لى: ترانى أخاف من الموت انّما أخاف ممّا وراء الموت.