و كانت وفاة مجد الدّين المذكور بالموصل يوم الخميس سلخ ذى الحجّة سنة ستّ و ستّمأة، و دفن برباطه بدرب درّاج داخل الموصل رحمه اللّه تعالى، و قد سبق ذكر أخيه علىّ، و سيأتى ذكر أخيه ضياء الدّين نصر اللّه إنشاء اللّه تعالي انتهى كلام ابن خلّكان[1].
و مراده بأبى البركات المستوفى هو بعينه سمّى صاحب التّرجمة ابو البركات المبارك بن ابى الفتح احمد بن المبارك بن موهوب بن على الاربلى اللخمى الملقّب شرف الدّين و هو الّذى يقول فى حقّه أيضا المورّخ المتقدّم: كان رئيسا جليل القدر، كثير التّواضع، واسع الكرم، لم يصل إلى إربل أحد من الفضلاء الّا و بادر إلى زيارته، و حمل إليه ما يليق بحاله؛ إلى أن قال: و كان جمّ الفضائل، تحارفا بعدّة فنون، منها الحديث و علومه و كان ماهرا فى فنون الأدب و أشعار العرب و اخبارها و بارعا فى علم الدّيوان و حسابه و ضبط قوانينه على الأوضاع المعتبرة عندهم و جمع لإربل تاريخا فى أربع مجلّدات، و له كتاب «النّظام فى شرح شعر المتنبّى و أبى تمام» فى عشر مجلدات و كتاب «اثبات المحصل فى نسبة ابيات المفصل» فى مجلّدين، و كتاب «سرّ الصنيعة» و كتاب سمّاه «ابا قماش» جمع فيه أدبا كثيرا و نوادر و غيرها و سمعت منه كثيرا؛ و له ديوان شعر أجاد فيه فمن شعره بيتان فضّل فيهما البياض على السمرة.
لا تخد عنّك سمرة غرّارة
ما الحسن إلّا للبياض و جنسه
فالرّمح يقتل بعضه من غيره
و السّيف يقتل كلّه من نفسه
ثمّ الى ان قال: و كنت خرجت من إربل سنة ست و عشرين و ستّمأة، و شرف الدّين مستوفى الدّيوان، و الإستيفاء فى تلك البلاد منزلة عليّة، و هو تلو الوزارة، ثم بعد ذلك تولى الوزارة فى سنة تسع و عشرين و ستمأة، و شكرت سيرته فيها، و لم يزل عليها إلى أن مات الملك مظفّر الدّين بن علىّ بن بكتكين و اخذ الإمام المستنصر إربل فبطل شرف الدّين و قعد فى بيته، و النّاس يلازمون خدمته على ما بلغنى؛ و مكث