و قيل انّه طلب فى مبتدأ أمره الفقه و الآثار، ثمّ صحب الخليل و برع فى النّحو، و كان سبب قرائته النّحو انّه قال لحمّاد بن سلمة ما تقول فى رجل رعف فى الصّلاة؟
فقال له حمّاد: لحنت يا سيبويه و لا تقل رعف انّما هو رعف اى بضمّ العين، فخجل سيبويه و قال سأقرأ علما لا تلحنّنى معه، و نهض إلى الخليل، فشكى إليه فقال الخليل رعف هى الفصيحة و رعف لغة غير فصيحة قلت و فى «القاموس» رعف كنصر و منع و كرم و غنى و سمع خرج من أنفه الدّم فليلاحظ و لزم سيبويه الخليل فكان ذلك سبب براعته فى صناعة النّحو.
و قال السيّد عليخان الحسنى المدنى قدّس سرّه السنّى: اسم سيبويه أبو بشر عمرو ابن عثمان بن قنبر- بضمّ القاف- الشّيرازى، ذكر صاحب «القاموس» فى كتابه المسمّى «بالبلغة فى تاريخ ائمّة اللّغة» عن احمد بن عبد الرّحمان الشيرازى فى كتاب «الالقاب» انّ اسم سيبويه بشر بن سعيد قيل هو غريب. و قال ابن السيّد البطليوسى فى «شرح الفصيح» الاضافة فى لغة العجم مقلوبة كما قالوا سيبويه و السيّب: التّفاح و ويه رائحته و التقدير رائحة التّفاح و قيل كان ابيض مشربا بحمرة كان خدوده لون التّفّاح و إلى الوجه المتقدّم ينظر كلام صاحب «القاموس» فى مادّة سيب حيث يقول و من معانى سيب التّفاح فارسى و منه سيبويه أى رائحة، أقول و تقدم فى ابراهيم بن محمّد بن عرفة الواسطى الملقّب بنفطويه تحقيق معنى هذه الكلمة بوجه آخر فليراجع.
و العجب انّ مثل هذا الهيئة لقب جماعة من النّحاة المشهورين و منهم حجشويه النّحوى المتكرّر ذكره ايضا فى مقابلة سيبويه، و نفطويه قال صاحب الخزائن و حكى انّه جاء نحوى ليعود مريضا، فطرق بابه فخرج ولده، فقال كيف حال أبيك فقال يا عم ورمت قدميه، قال لا تلحن و قل قدماه، ثم ماذا قال وصل الورم إلى ركبتاه قال لا تلحن و قل: ركبتيه ثمّ ماذا! قال: أدخل اللّه القدمين و الرّكبتين فى بطن عيالك و عيال سيبويه و نفطويه و حجشويه هذا.