ثمّ عمى فى آخر عمره و هو باق على القضاء، و صنّف جزءا لطيفا فى جواز قضاء الاعمى، و هو على خلاف مذهب الشّافعى، و رأيت فى كتاب «الزّوائد» تأليف أبى الخير العمرانى صاحب «البيان» وجها انّه يجوز، و هو غريب لم أره فى غير هذا الكتاب، و رأيت فى كتاب جميعه[2] بخطّ السّلطان صلاح الدّين رحمه اللّه قد كتبه من دمشق الى القاضى الفاضل- يعنى به عبد الرّحيم بن على المتقدّم ذكره عن قريب- و هو بمصر و فيه فصول من جملتها حديث الشّيخ شرف الدّين المذكور، و ما حصل له من العمى؛ و انّه يقول: انّ قضاء الاعمى جائز، و انّ الفقهاء قالوا: انّه غير جايز، فتجتمع بالشّيخ أبى طاهر بن عوف الاسكندرانى تسأله عمّا ورد من الأحاديث فى قضاء الاعمى، هل يجوز أم لا؟ و بالجملة فلا شكّ فى فضله.
و قد ذكره الحافظ ابو القاسم بن عساكر فى تاريخ دمشق، و ذكره العماد الكاتب فى كتاب «الخريدة» و اثنى عليه، و قال: ختمت به الفتاوى و ذكر له من الشّعر:
اؤمّل ان احيى و فى كلّ ساعة
تمرّ بى الموتى تهز لغوشها
و هل أنا إلّا مثلهم غير انّ لى
بقايا ليال فى الزّمان أعيشها
و كانت ولادته سنة اثنين و تسعين و أربعمأة بالموصل و توفّى فى حاديعشر رمضان سنة خمس و ثمانين و خمسمأة بمدينة دمشق و دفن فى مدرسة الّتى انشأها داخل البلد، و هى معروفة به، و زرت قبره مرارا رحمه اللّه انتهى.
و هو غير امامهم المشهور عبد اللّه بن اسعد اليمانى أبى محمّد المعروف باليافعى
[1]- الوفيات: و تولى القضاء بسنجار و نصيبين و حران و غيرها من ديار بكر ثم عاد الى دمشق فى سنة سبعين و خمسمأة و تولى القضاء بها فى سنة ثلاث و سبعين عقيب انفصال القاضى ضياء الدين ابى الفضائل القاسم بن تاج الدين يحيى بن عبد اللّه بن القاسم الشهرزورى حسبما شرحته فى ترجمة القاضى كمال الدين ابى الفضل بن محمد الشهرزورى.