93 الشيخ الكبير و البحر العزيز أبو الجناب أحمد بن عمر الصوفى الخيوقى
المعروف بنجم الدين الكبرى- على صيغة التأنيث- صاحب كتاب «منازل السائرين» و غيره.
ذكر القاضي في «مجالس المؤمنين» أنّ الوجه في تلقّبه بالكبرى: هو كون الغلبة له دائما في المناظرات زمان تحصيله بحيث لقّبوه بالطامة الكبرى. فأسقطت كثرة الاستعمال لفظة الطامّة من البين. فقيلت له: الكبرى. و كنيته- بالجيم المفتوحة و النون المشدّدة- كناية عن شدّة اجتنابه عن الدنيا، و زهده فيها، و قد جعلها له رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله في بعض مناماته الصادقة. كما قيل:
قد قال له رسولنا في الرؤيا
إذ شاهده أنت أبو الجنّاب
و ذلك أنّه لمّا خرج من محلّ ولادته الّذي هو من ديار خوارزم إلى بلدة همدان. ثمّ منها إلى اسكندريّة مصر، و أذن له في استماع الحديث. فرجع إلى وطنه الأصلي رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و اله ليلة في الواقعة فطلب منه كنيته. فقال صلى اللّه عليه و اله له: أنت أبو الجنّاب. فقال: مخفّفة أم مشدّدة. فقال: لا بل مشدّدة. فعرف منه الإشارة إليه بالتجرّد، و سلوك طريقة أهل الكشف المسترشدين. فعزم على ذلك. و انتقل إلى الأهواز، و ورد فيها على الشيخ اسمعيل القصرىّ، و كان في خدمته و صحبته كثير زمان إلى أن خطر بباله ليلة من الليالي أنّ علومى الظاهريّة أكثر من علوم الشيخ المذكور بكثير، و اوتيت من العلوم الباطنيّة أيضا حظّا وافرا. فانكشف هذا للشيخ. فأمره بالرحلة إلى خدمة الشيخ عمّار بن ياسر فخرح إليه، و كان أيضا في صحبته برهة إلى أن خطر بباله ما خطر أوّلا، و أحسّ بما هجس في ضميره ذلك الشيخ أيضا. فأشار إليه لسفر مصر للورود على حضرة الشيخ روز بهان الفارسى، و قال: لا يؤدّبك إلّا لطمة منه على قفاك. فصار من كرامته كما في «النفحات» أنّه ورد عليه بمصر و هو في خارج خانقاه يتوضّأ بماء قليل. فألقى في زعمه أنّ الشيخ لا يدرى بأىّ مقدار من الماء يتوضّأ. فعرفه منه الشيخ. فنضح عليه