عين فى ان وزان القبر فى النشأتين وزان الانسان فيهما [53]
نج - و من تلك العيون الجارية فى رياض الجنة أن وزان القبر فى هذه النشأة و
النشأة الاخرة وزان الانسان فيهما .
اعلم ان القبر فى هذه النشأة له افراد متشابهة , و أما فى النشأة الاخرة فقبر
هو روضة من رياض الجنة , و قبر هو حفرة من حفر النار .
و القبر الذى له افراد متشابهة فهو بمعنيين . احدهما القبور الترابية مثلا التى
هى اوعية الاجسام الميتة و حفرها فهى متشابهة و متماثلة و الانسان من حيث
هو إنسان ليس بمقبور فيها , و إن كنا لا ننكر إمكان اشراف بعض النفوس الكاملة
على
المقبور فيها و إشراقها فيه فتبقيه حيا و تحفظه عن التبادى و التلاشى و لكن ليس
معناه أن النفس الناطقة مقبورة فيه . و بالجملة إطلاق القبر على تلك الحفر على
سبيل التوسع فى التعبير و المجاز بادنى مناسبة تضاف إلى الانسان كظل الطائر فى
الجو على سطح الارض ينسب اليه مثلا .
و ثانيهما أنها متشابهة من حيث أن تلك القبور المتماثلة هى افراد الانسان
الذى هو نوع واحد قال عز من قائل :
( و ما أنت بمسمع من فى القبور)
. فهى فى هذه النشأة قبور متشابهة و أما فى يوم تبلى السرائر فقبر هو روضة من
رياض الجنة , و آخر هو حفرة من النار . فالقبر الحقيقى للأنسان ليس بخارج عنه
بل هو ذو مراتب عديدة فانه ليس الانسان نفسه الذى له أفراد متشابهة فى هذه
النشأة , و انواع متخالفة فى الأخرى و راجع فى استقصاء هذا البحث الى
تعليقاتنا
على الفصلين الثامن و الثالث عشر من رسالة تذكرة آغاز و انجام للمحقق الطوسى [1] و الى النكتة 654 من الف نكتة و نكتة , بل و الى النكتتين 322 و 759 منه
ايضا .
[1] تذكره آغاز و انجام , ط 1 , ص 131 - 164 - 182 .