عين فى أن موت الانسان هو انقطاعه عن غيره و ارتقائه الى بارئه المتوفى اياه [52]
نب - و من تلك العيون الأبدية ان الانسان حى أبدى لا يموت ,
و أن الموت ليس بعدم و فناء , و ان الاماتة ليست باعدام و إفناء , بل النفس
الناطقة مظهر مفطرها - تعالى شأنه . لا تأخذها سنة و لا نوم و لا يعرضها موت و لا
فناء و ليس الموت فى الحقيقة إلا تفريق صفة الوصل بمعنى أن الموت يرد على
الاوصاف لا على الذوات لانه تفريق بين الجسم الطبيعى و الروح , لا اعدام و رفع
فهو انقطاع الانسان عن غيره و ارتقائه الى بارئه المتوفى اياه الله يتوفى الانفس
حين موتها [1] . و التفريق هو مفارقة النفس الناطقة عن بدنها الطبيعى , و
تفريق العناصر المتضادة بعضها عن بعض أى الموت يعرض على نفسية الناطقة ,
كل نفس ذائقة الموت . كما يبرهن على موت كل انسان طبيعى باللم تارة من ناحية
المادة بأن الانسان مركب من الأضداد , و كل مركب من الأضداد ينحل . و تارة من
ناحية الغاية بأن النفس الناطقة بصدد الاستكمال و الغنى
و التجرد عن البدن الطبيعى و قواه , و الاتصال الحقيقى بعالم القدس , فاذا
كملت و غنت و اتصلت تركت المركب و رفضت الالات و ارتفع التدبير و التعلق
العقلى عن البدن الطبيعى , و تارة من ناحية الفاعل بأن المدبر لبدن الحيوان هو
القوى الجسمانية , و القوى الجسمانية متناهية التأثير و التأثر .
و اعلم أن التعبير الرائج بأن الموت هو قطع علاقة النفس عن البدن , ليس على
ما ينبغى و هو من عبارات الحكمة الرائجة لأن بدن النفس من حيث هو بدنها لا
يفارقها و لا تفارقه كما تحقق فى العيون الماضية . و هذا الهيكل العنصرى الذى كان
بدنه صار الان كقشر الحية بعد خروجها عنه . و إن شئت قلت إن هذا الهيكل قياسه
الى النفس قياس الثوب إلى الانسان , كما افاده الشيخ فى اواسط الفصل السابع من
خامسة نفس الشفاء [2] بقوله :