عين فى المناسبة بين مدركات النفس و بين مدركاتها , و المناسبة بين النفس
و بين الغيب الالهى ( 40 )
م - و من تلك العيون المحيرة البحث عن المناسبة بين المدرك و مدركه .
و القوى المدركة مع أنها من شئون النفس لكل واحدة منها غذاء من سنخها و جنسها
و مع تلك الكثرة فى ضروب الغذاء بحسب ضروب المغتذى فهى كلها غذاء النفس
و هى
شبكات عديدة للنفس تصصاد بكل واحدة منها غذاءا خاصا فهى تغتذى بها ضروب
الغذاء
. و تقتنص بها انواع المعارف و تحشر مع جميع الكلمات النورية الوجودية من
المفارقات و المقارنات - سبحان الله ما أعظم شأن الانسان - .
هذه المناسبة كالمناسبة بين المعانى و صورها المتصورة فى موطن الخيال , و
كالمناسبة بين اعيان الموجودات و اعيانها الثابتة , و كالمناسبات بين الصور
المنامية و اصولها , و بين الصور الجزائية و ملكاتها , و بالجملة هذه المناسبة
المبحوث عنها كالمناسبة بين المعانى و صورها مطلقا , و كالمناسبة بين الأمزجة
و بين شروق التجليات من المنامات و الالقاءات و الالهامات و الحدس و الوحى و
نحوها لها .
و كما يجب التناسب بين المدركات و مدركاتها حتى تكسب ما به تلتذ , كذلك
يجب التناسب بين النفس و بين العقل و هو توحدها حتى يصح لها العقل , و
كذلك يجب التناسب بينها و بين الغيب الالهى حتى تنال بهجتها الكبرى .
و العلم بسر تلك المناسبات صعب عسير جدا إلا لمن تنور قلبه بانوار المعارف
القرآنية , و شرح صدره بحقائق الأسماء الفرقانية و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
. و السير فى الروايات المعراجية و البرزخية و المنامية , و التدبر فى الصحف
الأصيلة فى التعبيرات المنامية كتعطير الأنام فى تعبير المنام , و الارتقاء الى
الحضور الملكوتى و العروج الى الصعود البرزخى مما هى ممدة و معدة فى نيل تلك
المناسبات . و الحرى بنا فى المقام أن نشير الى طائفة من الكلمات التامة
الصادرة عن اساطين الكمال لعلها تقر بك الى كشف الحال و اشراق البال