الفصل بينهما . و إذا نريد أن نبين الفصل بين الروح و النفس يجب أولا أن نخبر
عن مائية النفس و الروح , و عن الفصل بينهما . فلنبتدى ء أولا بالقول فى الروح إذ
كان أسهل منهجا , و نتبعه بالقول فى النفس .
القول فى الروح
الروح جسم لطيف ينبث فى بدن الانسان من القلب فى الشريانات فيفعل الحيوة
و التنفس و النبض . و التى تنبث من الدماغ فى الأعصاب يفعل الحركة و الحس .
و قد زعم المحمو . . . ( ط : و قد زعم المحمودون فى ) عمل تشريح الأحياء من
الأطباء و الفلاسفة أن فى القلب تجويفين : أحدهما فى جانبه الأيمن , و الاخر فى
جانبه الأيسر . و هذان التجويفان فيهما دبر و روح . و فى التجويف الأيمن من
الدبر
أكثر مما فيه من الروح . و فى التجويف الأيسر من الروح أكثر مما فيه من الدبر
.
و ينبعث من التجويف الذى فى الجانب الأيسر عرقان أحدهما يصير إلى الرية
فيكون به تنفس القلب . و ذلك أن القلب ينقبض و ينبسط , و بانبساطه و انقباضه
يكون النبض فى سائر البدن , و لذلك صار النبض دالا على حالات طبيعة القلب
الراتبة المستوية , و المختلفة التى تختلف لسبب ضرر ينال القلب فى نفسه , أو
من بعض الأعضاء المجاورة له .
فالقلب إذا انبسط اجتذب بذلك العرق من الرية شيئا ما من الهواء الذى يصير
إلى الرية بالتنفس لترويح الحرارة الغريزية التى فيه , و يكون مادة للروح . . و
إذا انقبض القلب دفع بذلك القلب إلى الرية مما يتولد فيه من البخارات
الدخانية
عن الحرارة النارية التى فيه , و أخرجتها الرية عن البدن . و هذا العرق المعروف
بالشريانى الوريدى . و يسمى بهذا الاسم لأن هيئته هيئة وريد , و فعله فعل شريان
.
و العرق الاخر نسميه العرق الأبهر , و ينقسم عند منشأه من القلب قسمين
أحدهما يترقى إلى أعالى البدن فيتفرع منه فروع من الصدر إلى أقاصى الرأس يكون بها
الحيوة فى هذا الجزؤ من بدن الانسان . و الاخر ينحدر إلى أسافل البدن إلى أقاصى
القدمين , و يتفرع منه فروع يكون بها الحيوة فى الجزؤ . . . من بدن الانسان و فروع
. . . هذه العروق المتفرقة فى سائر البدن تسمى شريانات , و هى العلة
القريبة لحيوة بدن الانسان لما يؤدى إلى كل عضو من أعضائه من الروح إلى تجويف
القلب الذى جانبه الأيسر .
و الدليل على أن حيوة الانسان بهذه الروح ما يرى من خروجها فى وقت الموت ,