من الأدلة التى أقاموها على أن النفس جوهر مفارق هو ما يدركه الانسان فى
مناماته من المغيبات الصادقة , لا يتأتى مثلها له فى اليقظة غالبا .
و الارتباط المذكور انما يتاتى من حيث انصراف النفس عن هذه النشأة , فان
تحقق الانصراف فى اليقظة يتحقق مثل الرؤيا ايضا , كما يرزق بها السالك كثيرا .
و
فى الروايات أن الرؤيا الحسنة جزء من النبوة و ذلك الجزء فيها متفاوت باعتبار
مراتب الرائى . و المباحث فى الرؤيا تطلب فى رسالتنا فى الرؤيا .
نب - عين فى أن موت الانسان هو انقطاعه عن غيره , و ارتقاؤه إلى بارئه
المتوفى إياه :
قد علمت أن النفس الانسانية جوهر روحانى النسج و السوس , لا تفسد بفساد بدنه
العنصرى , فالموت ليس بعدم و فناء , و الاماتة ليست باعدام و افناء بل هو
تفريق صفة الوصل بين الروح والجسم , و تفريق بيننا و بين ما هو غيرنا . و فى
الأثر عنه - صلى الله عليه و آله و سلم - :
( خلقتم للبقاء لا للفناء
) و فى آخر :
( خلقتم للأبد و إنما تنتقلون من دار الى دار)
و فى آخر :
( الأرض لا تأكل محل الايمان)
و التفريق مروى عن الامام الصادق عليه السلام فى تحف ابن شعبة . قوله تعالى شأنه
:
( الله يتوفى الأنفس حين موتها و التى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى
عليها الموت و يرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون)
[1] . الموت جار على جميع ما سوى الله , و هذا الموت بمعنى فناء كل سافل
فى عاليه , و توجه كل سافل الى عال , و رجوع كل شى ء الى أصله , و عود كل صورة
الى حقيقتها . ثم من يخاف الموت فهو فى الحقيقة يخاف نفسه , و العاقل بمعزل
عن تقية الموت . و الله سبحانه لا يرضى بموت أحد سيما الانسان إلا لأجل حيوة أخرى
مستأنفة فى وراء هذه النشأة .
نج - عين فى أن وزان القبر فى النشأتين وزان الانسان فيهما :
القبر لغة الغلاف . قال الشاعر
(
خط بها قبرا لأبيض ماجد)
و القبر الدنيوى المادى معروف , و البدن المادى الدنيوى قبر , و البدن الصورى
البرزخى ايضا قبر و اغبرة الشواغل الضاغطة للنفس ايضا قبر , و صور تجسم الاعمال
المحيطة فى البرزخ بالروح قبر . و القبور فى هذه النشأة متشابهة ,