- و من تلك العيون النازلة من ذروة التحقيق أن البدن مرتبة نازلة للنفس , و
النفس تمام البدن و البدن تجسد الروح و تجسمه و صورته و مظهره و مظهر كمالاته و
قواه فى عالم الشهادة . بلا تجاف من الطرفين .
فأعور جسمها شبهها *** كما يحدها الذى نزهها
لم تتجاف الجسم إذ تروحت *** و لم تجاف الروح إذ تجسدت [1]
فالبدن ان كانت نفسه حيوانية فجميع افعاله و آثاره حيوانية . و لما كان سلطان
القوى الحيوانية اعنى رئيسها هو الوهم فجميع قواه و افعال تلك القوى و همانية
, و إن كانت انسانية فرئيسها النطق فجميع أفعال قواه عقلانية . فالحيوان لمسه
لمس و همانى , و إبصاره إبصار وهمانى , و أما الانسان فلمسه عقلانى , و ابصاره
عقلانى . و هكذا فى قواهما الأخرى . و لذلك ينتقل الانسان من المحسوسات الى
المعقولات و ينكشف منها المجهولات بخلاف سائر الحيوانات فتبصر .
قال الشيخ الرئيس فى اول الفصل الثالث من رابعة نفس الشفاء([ : الانسان قد
يعرض لحواسه و قواه بحسب مجاورة النطق ما يكاد أن تصير قواه الباطنة نطقية
مخالفة للبهائم فلذلك يصيب من فوائد الأصوات المؤلفة و الألوان المؤلفة و
الروائح و الطعوم المؤلفة و من الرجاء و التمنى امورا لا تصيبها الحيوانات
الأخرى لان نور النطق كأنه فائض سائح ( سانح - خ ل ) على هذه القوى . و هذا
التخيل ايضا الذى للانسان قد صار موضوعا للنطق بعد ما انه موضوع للوهم فى
الحيوانات حتى ينتفع به فى العلوم و صار ذكره ايضا نافعا فى