نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 333
دية ، وكذلك إذا كان على وجه الادب ففيه الخلاف .
وأما ما يجب في جراح العمد إذا وقعت على الشروط التي ذكرنا فهو القصاص لقوله تعالى :
﴿ والجروح قصاص ﴾
وذلك فيما أمكن القصاص فيه منها ، وفيما وجد منه محل القصاص ولم يخش
منه تلف النفس ، وإنما صاروا لهذا لما روي أن رسول الله ( ص ) رفع القود
في المأمومة والمنقلة والجائفة فرأى مالك ومن قال بقوله أن هذا حكم ما كان
في معنى هذه من الجراح التي هي متالف ، مثل كسر عظم الرقبة والصلب والصدر
والفخذ وما أشبه ذلك .
وقد اختلف قول مالك في المنقلة ، فمرة قال بالقصاص ، ومرة قال
بالدية ، وكذلك الامر عند مالك فيما لا يمكن فيه التساوي في القصاص مثل
الاقتصاص من ذهاب بعض النظر أو بعض السمع ، ويمنع القصاص أيضا عند مالك عدم
المثل مثل أن يفقأ أعمى عين بصير .
واختلف من هذا في الاعور يفقأ عين الصحيح عمدا ، فقال الجمهور : إن
أحب الصحيح أن يستقيد منه فله القود ، واختلفوا إذا عفا عن القود ، فقال
قوم : إن أحب فله الدية كاملة ألف دينار ، وهو مذهب مالك ، وقيل ليس له إلا
نصف الدية ، وبه قال الشافعي ، وهو أيضا منقول عن مالك ، وبقول الشافعي
قال ابن القاسم ، وبالقول الآخر قال المغيرة من أصحابه وابن دينار .
وقال الكوفيون : ليس للصحيح الذي فقئت عينه إلا القود أو ما اصطلحا
عليه ، وقد لا يستقيد من الاعور وعليه الدية كاملة ، روي هذا عن ابن المسيب
وعن عثمان وعمدة صاحب هذا القول أن عين الاعور بمنزلة عينين ، فمن فقأها
في واحدة فكأنه اقتص من اثنين في واحدة ، وإلى نحو هذا ذهب من رأى أنه إذا
ترك القود أن له دية كاملة ، ويلزم حامل هذا القول أن لا يستقيد ضرورة ،
ومن قال بالقود وجعل الدية نصف الدية فهو أحرز لاصله ، فتأمله فإنه بين
نفسه ، والله أعلم .
وأما هل المجروح مخير بين القصاص وأخذ الدية ، أم ليس له إلا القصاص
فقط إلا أن يصطلحا على أخذالدية ففيه القولان عن مالك مثل القولين في
القتل ، وكذلك أحد قولي مالك في الاعور يفقأ عين الصحيح : أن الصحيح يخير
بين أن يفقأ عين الاعور أو يأخذ الدية ألف دينار أو خمسمائة على الاختلاف
في ذلك .
وأما متى يستقاد من الجرح ؟ فعند مالك أنه لا يستقاد من جرح إلا بعد اندماله ، وعند الشافعي على الفور ، فالشافعي تمسك بالظاهر .
ومالك رأى أن يعتبر ما يؤول إليه أمر الجرح مخافة أن يقضي إلى إتلاف النفس .
اختلف العلماء في المقتص من الجرح يموت المقتص منه من ذلك الجرح ،
فقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد : لا شئ على المقتص ، وروي عن علي وعمر
مثل ذلك ، وبه قال أحمد وأبو ثور وداود ، وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي
ليلى وجماعة : إذا مات وجب على عاقلة المقتص الدية ، وقال
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 333