نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 185
الثمن بنفس العقد .
فمالك رأى أن الثمن إنما يستحق منه بقدر ما يقبض من العوض ، والشافعي كأنه رأى أن تأخره من باب الدين بالدين .
ومن ذلك اختلافهم فيمن اكترى دابة أو دارا وما أشبه ذلك ، هل له أن
يكري ذلك بأكثر مما اكتراه ؟ فأجازه مالك والشافعي وجماعة قياسا على البيع ،
ومنع ذلك أبو حنيفة وأصحابه .
وعمدتهم أنه من باب ربح ما لم يضمن ، لان ضمان الاصل هو من ربه : أعني من المكري .
وأيضا فإنه من باب بيع ما لم يقبض ، وأجاز ذلك بعض العلماء إذا أحدث فيها عملا .
وممن لم يكره ذلك إذا وقع بهذه الصفة سفيان الثوري ، والجمهور رأوا أن الاجارة في هذا شبيهة بالبيع .
ومنها أن يكري الدار من الذي أكراها منه ، فقال مالك : يجوز ، وقال
أبو حنيفة : لا يجوز ، وكأنه رأى أنه إذا كان التفاضل بينهما في الكراء فهو
من باب أكل المال بالباطل .
ومنها إذا اكترى أرضا ليزرعها حنطة فأراد أن يزرعها شعيرا أو ما
ضرره مثل ضرر الحنطة أو دونه ، فقال مالك : له ذلك ، وقال داود : ليس له
ذلك .
ومنها اختلافهم في كنس مراحيض الدور المكتراة ، فالمشهور عن ابن
القاسم أنه على أرباب الدور ، وروي عنه أنه على المكتري ، وبه قال الشافعي ،
واستثنى ابن القاسم من هذه الفنادق التي تدخلها قوم وتخرج قوم فقال :
الكنس في هذه على رب الدار .
ومنها اختلاف أصحاب مالك في الانهدام اليسير من الدار ، هل يلزم رب
الدار إصلاحه ، أم ليس يلزم ؟ وينحط عنه من الكراء ذلك القدر ؟ فقال ابن
القاسم : لا يلزمه ، وقال غيره من أصحابه يلزمه .
وفروع هذا الباب كثيرة ، وليس قصدنا التفريع في هذا الكتاب .
الجملة الثانية : وهي النظر في أحكام الطوارئ
الفصل الاول منه : وهو النظر في الفسوخ
فنقول : إن الفقهاء اختلفوا في عقد الاجارة ، فذهب الجمهور إلى أنه عقد لازم ، وحكي عن قوم أنه عقد جائز تشبيها بالجعل والشركة .
والذين قالوا إنه عقد لازم اختلفوا فيما ينفسخ به ، فذهب جماعة
فقهاء الامصار : مالك والشافعي وسفيان الثوري وأبو ثور وغيرهم إلى أنه لا
ينفسخ إلا بما تنفسخ به العقود اللازمة من وجود العيب بها أو ذهاب محل
استيفاء المنفعة .
وقال أبو حنيفة وأصحابه : يجوز فسخ عقد الاجارة للعذر الطارئ على المستأجر ، مثل أن يكري دكانا يتجر فيه فيحترق متاعه أو يسرق .
وعمدة الجمهور قوله تعالى :
﴿ أوفوا بالعقود ﴾
لان الكراء عقد على منافع فأشبه النكاح ، ولانه عقد على معارضة فلم ينفسخ أصله البيع .
وعمدة أبي حنيفة أنه شبه ذهاب ما به تستوفي المنفعة بذهاب العين التي فيها المنفعة .
وقد اختلف قول مالك إذا كان الكراء في غير مخص
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 185