نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 158
وإذ قد خرجنا عما كنا بسبيله فلنرجع إلى حيث كنا من ذكر المسائل التي وعدنا بها .
المسألة الاولى : أجمع العلماء على أن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة
لا يجوز إلا مثلا بمثل يدا بيد ، إلا ما روي عن ابن عباس ومن تبعه
من المكيين فإنهم أجازوا بيعه متفاضلا ومنعوه نسيئة فقط ، وإنما صار ابن
عباس لذلك لما رواه عن أسامة بن زيد عن النبي ( ص ) أنه قال لا ربا إلا في
النسيئة وهو حديث صحيح ، فأخذ ابن عباس بظاهر هذا الحديث فلم يجعل الربا
إلا في النسيئة .
وأما الجمهور فصاروا إلى ما رواه مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري
أن رسول الله ( ص ) قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا
تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا
بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز وهو من أصح ما روي في
هذا الباب .
وحديث عبادة بن الصامت حديث صحيح ايضا في هذا الباب ، فصار الجمهور إلى هذه الاحاديث إذ كانت نصا في ذلك .
وأما حديث ابن عباس فإنه ليس بنص في ذلك لانه روي فيه لفظان :
أحدهما : أنه قال إنما الربا في النسيئة وهذا ليس يفهم منه إجازة التفاضل
إلا من باب دليل الخطاب وهو ضعيف ولا سيما إذا عارضه النص .
وأما اللفظ الآخر وهو لا ربا إلا في النسيئة فهو أقوى من هذا اللفظ
لان ظاهره يقتضي أن ما عدا النسيئة فليس بربا ، لكن يحتمل أن يريد بقوله لا
ربا إلا في النسيئة من جهة أن الواقع في الاكثر ، وإذا كان هذا محتملا
والاول نص وجب تأويله على الجهة التي يصح الجمع بينهما .
وأجمع الجمهور على أن مسكوكه وتبره ومصوغه سواء في منع بيع بعضه
ببعض متفاضلا لعموم الاحاديث المتقدمة في ذلك ، إلا معاوية فإنه كان يجيز
التفاضل بين التبر والمصوغ لمكان زيادة الصياغة ، وإلا ما روي عن مالك أنه
سئل عن الرجل يأتي دار الضرب بورقه فيعطيهم أجرة الضرب ويأخذ منهم دنانير
ودراهم وزن ورقه أو دراهمه ، فقال : إذا كان ذلك لضرورة خروج الرفقة ونحو
ذلك فأرجو أن لا يكون به بأس ، وبه قال ابن القاسم من أصحابه ، وأنكر ذلك
ابن وهب من أصحابه وعيسى بن دينار وجمهور العلماء ، وأجاز مالك بدل الدينار
الناقص بالوازن أو بالدينارين على اختلاف بين أصحابه في العدد الذي يجوز
فيه ذلك من الذي لا يجوز على جهة المعروف .
المسألة الثانية : اختلف العلماء في السيف والمصحف المحلى يباع
بالفضة وفيه حليةفضة ، أو بالذهب وفيه حلية ذهب ، فقال الشافعي : لا يجوز
ذلك لجهل المماثلة المشترطة في بيع الفضة بالفضة في ذلك والذهب بالذهب ،
وقال مالك : إن كان قيمة ما فيه من الذهب أو الفضة الثلث فأقل جاز بيعه ،
أعني بالفضة إن كانت حليته فضة ، أو بالذهب إن كانت حليته ذهبا وإلا لم يجز
، وكأنه رأى أنه إذا كانت الفضة قليلة لم تكن مقصودة في البيع وصارت كأنها
هبة ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا بأس ببيع السيف المحلى بالفضة إذا كانت
الفضة أكثر من
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 2 صفحه : 158