نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 249
ما حكيناه عن ابن عمر .
واختلفوا في تحري صيامه تطوعا ، فمنهم من كرهه على ظاهر حديث عمار
من صام يوم الشك ، فقد عصى أبا القاسم ومن أجازه ، فلانه قد روي أنه عليه
الصلاة والسلام صام شعبان كله ولما قد روي أنه عليه الصلاة والسلام قال :
لا تتقدموا رمضان بيوم ، ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم
فليصمه .
كان الليث بن سعد يقول : إنه إن صامه على أنه من رمضان ، ثم جاءه
الثبت أنه من رمضان ، أجزأه ، وهذا دليل على أن النية تقع بعد الفجر في
التحول من نية التطوع إلى نية الفرض .
وأما يوم السبت ، فالسبب في اختلافهم فيه : اختلافهم في تصحيح ما
روي عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض
عليكم خرجه أبو داود قالوا : والحديث منسوخ نسخه حديث جويرية بنت الحارث
أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها يوم الجمعة ، وهي صائمة ، فقال :
صمت أمس ؟ فقالت : لا ، فقال : تريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا ، قال :
فأفطري .
وأما صيام الدهر ، فإنه قد ثبت النهي عن ذلك ، لكن مالكا لم ير بذلك
بأسا ، وعسى رأي النهي في ذلك ، إنما هو من باب خوفالضعف ، والمرض .
وأما صيام النصف الآخر من شعبان : فإن قوما كرهوه ، وقوما أجازوه ،
فمن كرهوه ، فلما روي من أنه عليه الصلاة والسلام قال : لا صوم بعد النصف
من شعبان حتى رمضان .
ومن أجازه ، فلما روي عن أم سلمة قالت ما رأيت رسول الله ( ص ) صام
شهرين متتابعين إلا شعبان ، ورمضان ولما روي عن ابن عمر قال : كان رسول
الله ( ص ) يقرن شعبان برمضان وهذه الآثار خرجها الطحاوي .
وأما الركن الثاني : وهو النية ، فلا أعلم أن أحدا لم يشترط النية في صوم التطوع ، وإنما اختلفوا في وقت النية على ما تقدم .
وأما الركن الثالث : وهو الامساك عن المفطرات ، فهو بعينه الامساك الواجب في الصوم المفروض ، والاختلاف الذي هنالك لاحق هنا .
وأما حكم الافطار في التطوع ، فإنهم أجمعوا على أنه ليس على من دخل في صيام تطوع ، فقطعه لعذر قضاء .
واختلفوا إذا قطعه لغير عذر عامدا ، فأوجب مالك ، وأبو حنيفة عليه القضاء ، وقال الشافعي ، وجماعة : ليس عليه قضاء .
والسبب في اختلافهم : اختلاف الآثار في ذلك ، وذلك أن مالكا روى أن
حفصة وعائشة زوجي النبي عليه الصلاة والسلام أصبحتا صائمتين متطوعتين ،
فأهدي لهما طعام ، فأفطرتا عليه ، فقال رسول الله ( ص ) : اقضيا يوما مكانه
.
وعارض هذا حديث أم هانئ قالت : لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت
فاطمة ، فجلست عن يسار رسول الله ( ص ) وأم هانئ عن يمينه ، قالت : فجاءت
الوليدة بإناء فيه شراب فناولته ، فشرب منه ، ثم ناول أم هانئ : فشربت منه ،
قالت : يا رسول الله لقد أفطرت ، وكنت صائمة ، فقال لها عليه الصلاة
والسلام : أكنت تقضين شيئا ؟ قالت : لا .
قال : فلا يضرك إن كان تطوعا .
واحتج الشافعي في هذا المعنى بحديث عائشة أنها قالت : دخل علي رسول الله ( ص ) ، فقلت : أنا
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 249