نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 243
ممن يرى القياس .
وأما من لا يرى القياس فأمره بين ، أنه ليس يعدي حكم الجماع إلى الاكل والشرب .
وأما ما روى مالك في الموطأ أن رجلا أفطر في رمضان ، فأمره النبي ( ص
) بالكفارة المذكورة فليس بحجة ، لان قول الراوي ، فأفطر هو مجمل ،
والمجمل ليس له عموم ، فيؤخذ به ، لكن هذا قول على أن الراوي كان يرى أن
الكفارة كانت لموضع الافطار ، ولولا ذلك ، لما عبر بهذا اللفظ ، ولذكر
النوع من الفطر الذي أفطر به .
وأما المسألة الثانية : وهو إذا جامع ناسيا لصومه ، فإن الشافعي ، وأبا حنيفة يقولان : لا قضاء عليه ، ولا كفارة .
وقال مالك : عليه القضاء دون الكفاءة .
وقال أحمد ، وأهل الظاهر : عليه القضاء ، والكفارة .
وسبب اختلافهم في قضاء الناسي : معارضة ظاهر الاثر في ذلك القياس .
وأما القياس ، فهو تشبيه ناسي الصوم بناسي الصلاة فمن شبهه بناسي الصلاة ، أوجب عليه القضاء كوجوبه بالنص على ناسي الصلاة .
وأما الاثر المعارض بظاهره لهذا القياس ، فهو ما أخرجه البخاري
ومسلم عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ( ص ) من نسي - وهو صائم - فأكل ،
أو شرب ، فليتم صومه ، فأنما أطعمه الله وسقاه وهذا الاثر يشهد به عموم
قوله عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه .
ومن هذا الباب اختلافهم فيمن ظن أن الشمس قد غربت ، فأفطر ، ثم ظهرت
الشمس بعد ذلك هل عليه قضاء أم لا ؟ وذلك أن هذا مخطئ والمخطئ ، والناسي
حكمهما واحد ، فكيفما قلنا ، فتأثير النسيان في إسقاط القضاء بين .
والله أعلم .
وذلك أنا إن قلنا : إن الاصل هو أن لا يلزم الناس قضاء حتى يدل
الدليل على ذلك ، وجب أن يكون النسيان لا يوجب القضاء في الصوم ، إذ لا
دليل ههنا على ذلك بخلاف الامر في الصلاة ، وإن قلنا إن الاصل ، هو إيجاب
القضاء حتى يدل الدليل على رفعه عن الناسي ، فقد دل الدليل في حديث أبي
هريرة على رفعه عن الناسي ، اللهم إلا أن يقول قائل : إن الدليل الذي
استثنى ناسي الصوم من الناسي سائر العبادات والكفارة على المجامع ناسيا ،
فضعيف ، فإن تأثير النسيان في إسقاط العقوبات بين في الشرع ، والكفارة
منأنواع العقوبات ، وإنما أصارهم إلى ذلك أخذهم بمجمل الصفة المنقولة في
الحديث أعني من أنه لم يذكر فيه أنه فعل ذلك عمدا ، ولا نسيانا ، لكن من
أوجب الكفارة على قاتل الصيد نسيانا ، لم يحفظ أصله في هذا ، مع أن النص
إنما جاء في المتعمد ، وقد كان يجب على أهل الظاهر أن يأخذوا بالمتفق عليه ،
وهو إيجاب الكفارة على العامد إلى أن يدل الدليل على إيجابها على الناسي ،
أو يأخذوا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ ، والنسيان
حتى يدل الدليل على التخصيص ، ولكن كلا الفريقين ، لم يلزم أصله ، وليس في
مجمل ما نقل من حديث الاعرابي حجة ، ومن قال من أهل الاصول إن ترك التفصيل
في اختلاف الاحوال من الشارع بمنزلة العموم في الاقوال ، فضعيف ، فإن
الشارع لم يحكم قط إلا على مفصل ، وإنما الاجمال في حقنا .
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 243