نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 240
وأحمد وقال قوم : لا كفارة عليه ، وبه قال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي .
وسبب اختلافهم : هل تقاس الكفارات بعضها على بعض أم لا ؟ فمن لم يجز
القياس في الكفارات قال : إنما عليه القضاء فقط ، ومن أجاز القياس في
الكفارات قال : عليه الكفارة قياسا على من أفطر متعمدا ، لان كليهما مستهين
بحرمة الصوم : أما هذا ، فبترك القضاء زمان القضاء ، وأما ذلك ، فبالاكل
في يوم لا يجوز فيه الاكل ، وإنما كان يكون القياس مستندا لو ثبت أن للقضاء
زمانا محدودا بنص من الشارع ، لان أزمنة الاداء ، هي محدودة في الشرع .
وقد شذ قوم ، فقالوا : إذا اتصل مرض المريض حتى يدخل رمضان آخر أنه لا قضاء عليه ، وهذا مخالف للنص .
وأما إذا مات ، وعليه صوم ، فإن قوما قالوا : لا يصوم أحد عن أحد .
وقوم قالوا : يصوم عنه وليه ، والذين لم يوجبوا الصوم قالوا : يطعم عنه وليه ، وبه قال الشافعي .
وقال بعضهم : لا صيام ، ولا إطعام ، إلا أن يوصي به ، وهو قول مالك .
وقال أبو حنيفة : يصوم ، فإن لم يستطع أطعم وفرق قوم بين النذر ،
والصيام المفروض ، فقالوا : يصوم عنه وليه في النذر ، ولا يصوم عنه في
الصيام المفروض .
والسبب في اختلافهم : معارضة القياس للاثر ، وذلك أنه ثبت عنه من
حديث عائشة أنه قال عليه الصلاة والسلام من مات وعليه صيام ، صام عنه وليه
خرجه مسلم ، وثبت عنه أيضا من حديث ابن عباس أنه قال : جاء رجل إلى النبي (
ص ) ، فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ، أفأقضيه عنها ؟
فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها ؟ قال : نعم ، قال : فدين الله
أحق بالقضاء فمن رأى أن الاصول تعارضه ، وذلك أنه كما لا يصلي أحد عن أحد ،
ولا يتوضأ أحد عن أحد ، كذلك لا يصوم أحد عن أحد ، قال : لا صيام على
الولي .
ومن أخذ بالنص في ذلك وقال بإيجاب الصيام عليه ، ومن لم يأخذ بالنص
في ذلك ، قصر الوجوب على النذر ، ومن قاس رمضان عليه ، قال : يصوم عنه في
رمضان .
وأما من أوجب الاطعام ، فمصيرا إلى قراءة من قرأ
﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية ﴾
الآية ومن خير في ذلك ، فجمعا بين الآية ، والاثر فهذه هي أحكام
المسافر ، والمريض من الصنف الذين يجوز لهمالفطر ، والصوم فهذه هي أحكام
المسافر والمريض من الصنف الذين يجوز لهم الفطر والصوم .
وأما باقي هذا الصنف ، وهو المرضع ، والحامل ، والشيخ الكبير ، فإن
فيه مسألتين مشهورتين : إحداهما : الحامل ، والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما
؟ وهذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب : أحدها : أنهما يطعمان ، ولا
قضاء عليهما ، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس .
والقول الثاني : أنهما يقضيان فقط ، ولا إطعام عليهما ، وهو مقابل الاول .
وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه وأبو عبيد ، وأبو ثور .