يبحث فى كل علم عن مرتبه ذلك العلم بالنسبته الى غيره من العلوم
فان بعض العلوم متقدم على بعض آخر تارة من ناحية تقديم موضوعه كعلم الكلام
فان موضوعه عبارة عن المبدأ تعالى و هو مقدم على جميع الموجودات . و اخرى
من ناحية تقدم غايته كعلم الفقه فان غايته عبارة عن امتثال . احكام الله
تعالى و هذه الغاية اشرف الغايات و ثالثة من ناحية اشتماله على مبادى
العلوم لمتأخرة و رابعة من ساير النواحى كعلم النجوم مثلا - فانه مقدم على
كثير من العلوم بحسب زمان التأسيس حيث انه قد اسس فى زمان لم يكن من كثير
من العلوم عين و لا اثر .
اذ عرفت هذا فاعلم ان علم الفقه متأخر عن الكلام و الاصول و المنطق
و الصرف و النحو و اللغة باعتبار اشتمال علم الفقه عليها و افتقاره اليها
بينما لم يفتقر تلك العلوم الى علم الفقه . نعم فى توقف علم الفقه على
الكلام و الفتقاره اليه اشكال عن بعض المحقيقين يأتى انشاء الله تعالى فى
اواخر هذا الكتاب فى بحث شرائط الاجتهاد المطلق .