حصل الهلاك لا بمباشرته بل بامساكه الذى هو حكم دفع الدافع وهو
متعد في الدفع فيضمن بخلاف ما إذا حصل التلف بمباشرته وحدث من جهة الصبي
باختياره لانه طرأت المباشرة على التسبيب فينقطع حكم التسبيب وهذه المباشرة
ليست حكم ذلك التسبيب فلا يثبت الرجوع بخلاف ما إذا أمره بالقتل حكما وإذا
غصب الرجل الصبى الحر فذهب به فهو ضامن له ان قتل أو أصابه حجرا وأكله سبع
أو تردى من حائط عندنا استحسانا وفي القياس لا شئ عليه وهو قول زفر
والشافعي وجه القياس أن ضمان الغصب يختص بما هو مال متقوم والصبي الحر ليس
بمال متقوم فلا يضمن بالغصب كالميتة والدم والدليل عليه أنه لو مات حتف
أنفه أو أصابته حمى فمات أو مرض فمات أو خرجت به قرحة فمات لم يضمن الغاصب
شيأ بالاتفاق والدليل عليه انه لو غصب مكاتبا صغيرا فمات في يده ببعض هذه
الاسباب لم يضمنالغاصب شيأ فالحر أولى وكذلك لا يضمن أم الولد بالغصب وان
تلفت بهذه الاسباب لانه لم يبق لرقها قيمة فلان لا يضمن الحر بهذه الاسباب
كان أولى
وحجتنا في ذلك انه سبب لاتلافه بغير حق والمسبب إذا كان متعديا في
سبب فهو ضامن والدية على عاقلته كحافر البئر وواضع الحجر في الطريق وبيان
الوصف أنه أزال يد حافظه عنه في حال حاجته إلى الحفظ ولم يقم بحفظه بنفسه
فكان مسببا لاتلافه وهو متعد في ذلك لانه ممنوع شرعا من ازالة يد حافظه
ومعنى قولنا ان لم يقم بحفظه بنفسه لانه تلف بامر يمكن التحرز عنه بخلاف ما
إذا مات لان ذلك لا يستطاع الامتناع عنه فلا يكون دليلا على تركه الحفظ أو
على انه كان سببا لازالة حافظه عنه فأما التردي من الحائط ونهش الحية
واصابة الحجر فانه يمكن التحرز عنه في الجملة وبهذا تبين أن هذا الضمان
ضمان جناية لا ضمان غصب والحر يضمن بالجناية تسبيبا كان أو مباشرة وهذا
بخلاف المكاتب لانه في يد نفسه صغيرا كان أو كبيرا فهو بفعله ما حال بينه
وبين نفسه وبخلاف أم الولد فانها تقوم بحفظ نفسها فلا يكون هو جانيا بازالة
الحفظ عنها فلهذا لا يضمن نقصها ولو قتل الصبي في يد الغاصب رجلا فليس على
الغاصب في ذلك شئ لانه لم يأمره بالقتل ولكنه أنشأ القتل باخياره فلو ثبت
للعاقلة حق الرجوع على الغاصب كان ذلك باعتبار يده على الصبي والحر لا يضمن
باليد وكذلك لو قتل الصبى نفسه في يد الغاصب فلا شئ على الغاصب كما لو قتل
غيره وعلى قول أبى يوسف تجب ديته علي عاقلة الغاصب لانه تلف بسبب يمكن
حفظه من ذلك السبب عادة فهو كما لو نهشته حية وإذا حمل