يحال بذلك على خبثها لاعلى اسلامه ألا ترى ان هذا الحكم يثبت إذا
جعل تبعا لغيره والتبعية فيما يتمحض منفعة لافيما يشوبه ضرر وانما تبعا
لتوفير المنفعة عليه وفى اعتبار منفعته مع ابقاء التبعية معنى توفير
المنفعة لانه ينفتح عليه باب تحصيل هذه المنفعة بطريقين فكان ذلك انفع
وانما يمتنع الجمع بين معنى التبعية والاصالة إذا كان بينهما مضادة فاما
إذا تأيدأحدهما بالآخر فذلك مستقيم كالمرأة إذا سافرت مع زوجها ونوت السفر
فهى مسافرة بنيتها مقصودا وتبعا لزوجها أيضا وانما لم يعتبر اعتقاده عند
اسلام أحد الابوين لتوفير المنفعة عليه فهذا يدل على اعتبار اعتقاده إذا
أسلم مع كفرهما لتوفير المنفعة عليه وانما لم يكن مخاطبا بالاداء لدفع
الحرج عنه إذا امتنع من الاداء وهذا يدل على انه يحكم بصحته إذا أدي
باعتبار ان عند الاداء يجعل الخطاب كالسابق لتحصيل المقصود كالمسافر لا
يخاطب بأداء الجمعة فإذا أدى يجعل ذلك فرضا منه بهذا الطريق وهذا لان عدم
توجه الخطاب إليه بالاسلام لدفع الضرر ولاضرر عليه إذا أدرج الخطاب بهذا
الطريق بل تتوفر المنفعة عليه مع أنه يحكم باسلامه لوجود حقيقته من غير أن
يتعرض لصفته وانما لاتبين زوجته منه إذا لم يحسن أن يصف بعدما عقل لبقاء
معنى التبعية ولتوفير المنفعة عليه ولاوجه لاعتبار هذا القول بسائر
الاقاويل فانا نجعله فيها كاذبا أو لاغيا وإذا أقر بوحدانية الله تعالى فلا
يظن بأحد أن يقول انه كاذب في ذلك أو لاغ بل يتيقن بأنه صادق في ذلك
فجرينا الحكم عليه فأما إذا ارتد هذا الصبى العاقل فأبو يوسف رحمه الله
تعالى يقول لا تصح ردته وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو القياس
لان الردة تضره وانما يعتبر معرفته وعقله فيما ينفعه لا فيما يضره ألا ترى
أن قبول الهبة منه صحيح والرد باطل وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى
قالا يحكم بصحة ردته استحسانا لعلته لا لحكمه فان من ضرورة اعتبار معرفته
والحكم باسلامه بناء على علته اعتبار ردته أيضا لانه جهل منه بخالقه وجهله
في سائر الاشياء معتبر حتى لا يجعل عارفا إذا علم جهله فكذلك جهله بربه
ولان من ضرورة كونه أهلا للعقد أن يكون أهلا لرفعه كما انه لما كان أهلا
لعقد الاحرام والصلاة كان أهلا للخروج منهما وانما لم يصح منه رد الهبة لما
فيه من نقل الملك إلى غيره ألاتري أن ضرر الردة يلحقه بطريق التبعية إذا
ارتد أبواه ولحقا به بدار الحرب وضرر رد الهبة لايلحقه من جهة أبيه فبهذا
يتضح الفرق بينهما وإذا حكم بصحة