المرآة وهما محرمان ويكره أن ينظر فيها لازالة شعث أو تسوية شعر
أو شئ من الزينة ذكره الخرقي قال أحمد رحمه الله : لا بأس أن ينظر في
المرآة ولا يصلح شعرا ، ولا ينفض عنه غبارا ، وقال أيضا إذا كان يريد زينة
فلا ، قيل فكيف يريد زينة ؟ قال يرى شعرة فيسويها ، روي نحو ذلك عن عطاء
لانه قد روي في حديث " إن المحرم الاشعث الاغبر " وفي الآخر " إن الله
يباهي بأهل عرفة ملائكته فيقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي قد أتوني شعثا
غبرا ضاحين " أو كما جاء ولا فدية بالنظر في المرآة بحال وانما ذلك أدب لا
شئ على فاعله لا نعلم أحدا أوجب في ذلك شيئا
( فصل ) وللمحرم أن يحتجم ولا فدية عليه إذا لم يقطع شعرا في قول الجمهور
لانه تداو باخراج دم أشبه الفصد وبط الجرح ، وقال مالك لا يحتجم إلا من
ضرورة وكان الحسن يرى في الحجامة دما ولنا أن ابن عباس روى أن النبي صلى
الله عليه وسلم احتجم وهو محرم : متفق عليه ولم يذكر فدية ، ولانه لا يترفه
بذلك أشبه شرب الادوية ، وكذلك الحكم في قطع العضو عند الحاجة والختان كل
ذلكمباح من غير فدية ، فان احتاج في الحجامة إلى قطع شعر فله قطعه لما روى
عبيد الله بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بلحي جمل في طريق مكة
وهو محرم وسط رأسه .
متفق عليه ، ومن ضرورة ذلك قطع الشعر ، لانه يباح حلق الشعر لازالة
أذى القمل فكذلك هذا وعليه الفدية ، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأبو
ثور وابن المنذر ، وقال أبو يوسف ومحمد يتصدق بشئ ولنا قوله تعالى ( فمن
كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة ) الآية ولانه حلق
شعرا لازالة ضرر غيره فلزمته الفدية كما لو حلقه لازالة قمله ( فصل )
ويجتنب المحرم مانهاه الله تعالى عنه بقوله ( الحج أشهر معلومات فمن فرض
فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) وهذا صيغته صيغة النفي
والمراد به النهي كقوله تعالى ( لاتضار والدة بولدها ) والرفث الجماع روي
ذلك عن ابن عباس وابن عمر ، وروي عن ابن عباس أنه قال الرفث غشيان النساء
والتقبيل والغمز وان يعرض لها بالفحش من الكلام ، وقال أو عبيدة الرفت لغا
الكلام وأنشد قول العجاج :
عن اللغا ورفث التكلم
وقيل الرفث هو ما يكنى عنه من ذكر الجماع ، وروي عن ابن عباس أنه
أنشد بيتا فيه التصريح بما يكنى عنه من الجماع وهو محرم فقيل له في ذلك
فقال إنما الرفث ماروجع به النساء ، وفي لفظ ما قيل من ذلك عند النساء ،
وفي الجملة كل ما فسر به الرفث ينبغي للمحرم أن يجتنبه الا أنه في الجم