نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 476
الفصل الثامن و الأربعون فيه كتاب تفصيل الحلال و الحرام و ما بينهما من
الشبهات و فضل الحلال و ذم الشبهة و تمثيل ذلك بصور الألوان
روينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم: يأتي على الناس زمان لا
يبقى فيه أحد إلّا أكل الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره يعني و الله
أعلم أنه يدخل عليه، و إن لم يعمل به من غير قصد له و لا اكتساب، كما يدخل
الغبار في المشام للمجتاز لفشو الربا و انتشار مداخله مما لا يمكن التحرز
منه. و في الخبر: درهم من ربا أعظم عند الله عزّ و جلّ من ثلاثين زنية في
الإسلام، و ما تواعد الله عزّ و جلّ و لا تهدّد في معصية مثل ما تواعد في
أكل الربا. فإنه عزّ و جلّ عظم شأنه بوصفين عظيمين إعظاما له و ترهيبا منه،
فذكر في أوله المحاربة للَّه عزّ و جلّ و لرسوله صلى الله عليه و سلم، و
في آخره الخلود في النار ينتظم ذلك في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا الله وَ ذَرُوا ما بَقِيَ من الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
[البقرة: 278]. ثم اشترط للإيمان ترك الربا بقوله: إن، و هي للشرط و الجزاء
ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ من الله وَ رَسُولِهِ
[البقرة: 279]، ثم أوجب التوبة منه بعد إعلامه الظلم منه فقال: وَ إِنْ
تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ، لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ.
ثم نص على تحريمه في قوله: وَ أَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا
[البقرة: 275] ثم تواعد بالخلود بعد ذلك كله فقال: وَ من عادَ فَأُولئِكَ
أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة: 275]، و هذا من شديد
الخطاب و عظيم العذاب.
و روي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم: طلب الحلال
فريضة بعد الفريضة. فسوّى بينه و بين العلم في الفرض فأوجب الطلب لهما،
مثل فرض الحلال للأكل مثل طلب العلم للجاهل. و الفرائض إذا شرعت ثبتت إلى
يوم القيامة، فإذا أمر بطلبها دلّ على وجودها لأنه لا يؤمر بطلب مفترض
علينا يكون معدوما، فالحلال موجود من حيث افترض علينا و أمرنا بطلبه، و لكن
طريقه ضيق و وجوهه غامضة و التسبب إليه فيه مشقة، و الحاصل منه فيه خشونة و
قلة، و مع ذلك فإنّ المعاون عليه قليل و الطالب غريب و هذه
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 476