نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 477
أسباب تكرهها النفوس، و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم. ثم إنّ الفرائض
لها علوم و أحكام، فمن لم يعرف علومها و لم يقم بأحكامها فكأنه لم يعلمها. و
كان عمر رضي الله عنه يضرب أهل السوق بالدرة و يقول: لا يتّجر في سوقنا
إلّا من تفقّه و إلّا أكل الربا: و كان بعض العلماء يقول: تفقّه ثم ادخل
السوق فبع و اشتر، و تأول معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم: طلب العلم
فريضة على كل مسلم قال: هو طلب علم الحلال و الحرام و البيع و الشراء، إذا
أراد الإنسان أن يدخل فيه افترض عليه علمه. ففي الخبر: من سعى على عياله من
حله فهو كالمجاهد في سبيل الله عزّ و جلّ، و من طلب الدنيا حلالا في عفاف
كان في درجة الشهداء. و يقال: إنّ أول لقمة يأكلها العبد من حلال يغفر له
ما سلف من ذنوبه، و من أقام نفسه في مقام ذل في طلب الحلال، تساقطت عنه
ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر في الشتاء إذا يبس. و كان بعض العلماء يقول
لبعض المجاهدين: أين أنت من عمل الأبطال:
كسب الحلال و النفقة على العيال؟ و قد كان شعيب بن حرب، و غيره يقول: لا
تحقر دانقا من حلال تكسبه تنفقه على نفسك و عيالك أو أخ من إخوانك، فلعله
لا يصل إلى جوفك أو لا يصل إلى غيرك حتى يغفر لك. و في الخبر: من أكل
الحلال أربعين يوما نور الله قلبه و أجرى ينابيع الحكمة من قلبه. و في بعض
الروايات زهده الله في الدنيا و يقال: من أكل حلالا و عمل في سنة فهو من
أبدال هذه الأمة.
و قد كان سهل يقول: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يأكل الحلال بالورع.
و روينا عن إبراهيم بن أدهم و فضيل بن عياض رضي الله عنهما: لم ينبل من نبل
بالحج و لا بالجهاد و لا بالصوم و لا بالصلاة، و إنما ينبل عندنا من كان
يعقل ما يدخل جوفه يعني الرغيف من حله. و قال يوسف بن أسباط لشعيب بن حرب:
أشعرت أنّ الصلاة جماعة سنّة و أن كسب الحلال فريضة؟ قال: نعم. و سأل رجل
إبراهيم بن أدهم قال: أنا رجل أتكسب في السوق، فإذا عملت فاتتني الصلاة في
جماعة فأيما أحبّ إليك أصلّي في جماعة أو أكتسب فقال: أكتسب من حلال و أنت
في جماعة. و قد كان إبراهيم بن أدهم يعمل هو و إخوانه في الحصاد في شهر
رمضان، فكان يقول لهم: انصحوا في عملكم بالنهار حتى تأكلوا حلالا و لا
تصلّوا بالليل، و إنّ لكم ثواب الصلاة في جماعة و أجر المصلّين بالليل. و
قال بعض السلف: أفضل الأشياء ثلاث، عمل في سنة و درهم حلال و صلاة في
جماعة.
و كان سهل رحمه الله يقول: لا يبلغ العبد حقيقة من هذا الأمر حتى يؤدي هذه
الأربع، أداء الفرائض بالسنّة و أكل الحلال بالورع و اجتناب النهي في
الظاهر و الباطن و الصبر
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 477