نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 375
أحد يعصي الله عزّ و جلّ حتى لا يطيعه، فمن كانت طاعاته أكثر من معاصيه فهو
العدل.
قال ابن عبد الحكم: و هذا كلام الحذاق، و قال أيضا قولا فصلا في التوسط بين
الانقباض و الانبساط، حدثنا عنه قال: الانقباض عن الناس مكسبة لعداوتهم، و
الانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين الانقباض و الانبساط. و قد وصف
الله تعالى المؤمنين بالصبر و الرحمة في قوله عزّ و جلّ: وَ تَواصَوْا
بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد: 17]. و نعتهم الذلة في
قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
[المائدة: 54]. و قال تعالى: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ [الفتح: 29]. و هذا كله
داخل في الاهتمام به، و هو حقيقة صدقه في الصداقة له كما قال، و لا صديق
حميم أي هميم من الاهتمام به، و قد قال عيسى عليه السلام لأصحابه: كيف
تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائما فكشفت الريح عنه ثوبه، قالوا: نستره و نغطيه
فقال: بل تكشفون عورته، قالوا: سبحان الله من يفعل هذا، فقال: أحدكم يسمع
في أخيه بالكلمة فيزيد عليه و يشيعها بأعظم منها، و هذا مخرجه من الحسد
الكائن في النفس و الغل المستكن في القلب، أن يزيد الرجل على الشيء مما
يسمع أو يتبعه بمثله، فيظهر هذا غله، و هذا الذي استعاذ منه المؤمنون في
قولهم: وَ لا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلًّا [الحشر: 10] الآية. و ينبغي أن
لا يخالفه في شيء و لا يعترض عليه في مراد. قال بعض العلماء: إذا قال الأخ
لأخيه قم بنا، فقال: إلى أين، فلا تصحبه و قال الآخر: إذا قال: أعطني من
مالك، فقال: كم تريد أو ما ذا تصنع به لم يقم بحق الإخاء. قال أبو سليمان
الداراني: كان لي أخ بالعراق، فكنت أجيئه في النوائب فأقول:
أعطني من مالك شيئا فكان يلقي إليّ كيسه فآخذ منه ما أريد، فجئته ذات يوم
فقلت أحتاج إلى شيء، فقال: كم تريد فخرج حلاوة أخاه من قلبي. و عن ابن عمر
و أبي هريرة: لم يكن أحد أحق بديناره و درهمه من أخيه.
و روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا تباغضوا و لا تدابروا و لا
تحاسدوا و لا تقاطعوا، و كونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا
يظلمه، و لا يحرمه، و لا يخذله بحسب المرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم. و
في حديث عليّ عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: من عامل
الناس فلم يظلمهم، و حدثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت
مروءته و ظهرت عدالته و وجبت أخوّته و حرمت غيبته. و في حديث أبي أسامة
الباهلي:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن نتمارى فغضب ثم قال: ذروا
المراء لقلّة خبره، ذروا المراء فإن نفعه قليل و هو يهيج العداوة بين
الإخوان، و قال بعض السلف: من لاص الإخوان و ما رآهم، قلت: و ذهبت كرامته. و
قال عبد الله بن الحسن: إياك و معاداة الرجال، فإنك لن
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 375