responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 371
و مصالحه في أحواله، و لا يكون ذلك مكافأة على إحسان أحسن به إليه، و لا لنعمة و يد يجزيه عليها، فهذه ليس فيها طريق إلى الله عزّ و جلّ و لا للآخرة، لأنها طرقات الدنيا و لأسباب الهوى. فإذا سلم من هذه المعاني، فهذه أول المحبة للَّه عزّ و جلّ، و لا يقدح في الأخوة للَّه تبارك و تعالى لأن هذه شبهة ثانية فيه مثل أن يحبه لحسن خلقه، و فضل أدبه، و حسن حلمه، و كمال عقله، و كثرة احتماله و صبره، أو لوجود الأنس به و ارتفاع الوحشة منه، أو للألفة التي جعل الله بينه و بينه، و إنما يخرجه عن حقيقة الحب في الله عزّ و جلّ، أن يحبه لما يكون دخلا في الدين و وليجة في طرائق المؤمنين، و لما انفصل عنه و لم يكن متصلا به، مثل الأنعام و الأفضال و وجود الارتفاق، فهذا الحب لا يمنع القلب وجده، لما جبل الطبع عليه، و لبغض من كان بضده، ممن أساء إليه و ليس يأثم و لا يعصى بوجود هذه المحبة لأجل هذه الأسباب المعروفة، كما أنه إذا أساء إليه و وجد بغضه لا يأثم ما لم يخرجه البغض إلى مجاوزة حد بإيجاب حكم، إلّا أن هذه محبة النفس بالطبع، و إنما يفضل المرء بمحبة القلب لأجل الله عزّ و جلّ، و البغض فيه شي‌ء، و إن كان مباحا لأنها تحول و تزول. و كل محبة تكون عن عوض. إذا ذهب العوض زالت المحبة، و صحة الحب في الله عزّ و جلّ و البغض فيه لا ينقلب لسبب حب جعل في الطبع لمنافع الدنيا، و لا لأجل بغض في النفس لمضارها، و حقيقة الحبّ في الله عزّ و جلّ أن لا يحسده على دين و لا دنيا، كما لا يحسد نفسه عليهما، و أن يؤثره بالدين و الدنيا إذا كان محتاجا إليهما كنفسه، و هذا شرطا الحب في الله عزّ و جلّ اللذان ذكرهما الله تعالى في قوله: يُحِبُّونَ من هاجَرَ إِلَيْهِمْ [الحشر: 9]. ثم وصف محبتهم، إذ كان يصف حقّا و يمدح محقّا. فقال: وَ لا يَجِدُونَ في صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا [الحشر: 9]، يعين: من دين و دنيا، و الحاجة في هذا الموضع: الحسد، أي كما لا يجدون في صدورهم حاجة لأنفسهم حسدا. ثم قال عزّ و جلّ في الشرط الثاني: وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‌ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر: 9]. فهذا فصل الخطاب، و جملة نعت الأحباب، فينبغي أن يؤثر أخاه بنفسه و ماله إن احتاج إلى ذلك، فإن لم يكن في هذه المنزلة و هو مقام الصدّيقين فيساويه في حاله، و هذا من مقام الصادقين، و هذا أقل منازل الأخوة، و هو من أخلاق المؤمنين، و إنما آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بين الغني و الفقير ليساوي الغني الفقير فيعتدلان، و ينبغي أن يقدمه على أهله و ولده، و أن يحبه فوق محبتهم لأن محبة أولئك من الدنيا و النفس و الهوى، و محبة الإخوان من الآخرة و للَّه تبارك و تعالى، و في الدين و أمور الدين و الآخرة مقدم عند المتّقين. و كان عبد الله بن الحسن البصري يصرف إخوان الحسن إذا جاءوه، لطول لبثهم عنده و لشدة شغله‌

نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی    جلد : 2  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست