نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 364
و قيل له: ادخل الجنة سأل عن منزل أخيه، فإن كان دونه لم يدخل الجنة حتى
يعطي أخوه مثل منازله، قال: و لا يزال يسأل له من كذا و كذا، فيقال إنه لم
يكن يعمل مثل عملك فيقول: إني كنت أعمل لي و له. قال: فيعطي جميع ما سأل له
و يرفع أخوه إلى درجته معه، فقد كانوا يتواخون و يتعارفون المنافع الآخرة
الباقية، لا لمرافقة الدنيا الفانية و أفضل الأخوة. كما قال بعض العلماء:
المحبة الدائمة و الألفة اللازمة من قبل، أنّ الأخوة و المحبة عمل، و كل
عمل يحتاج إلى حسن خاتمه به ليتم العمل، فيكمل أجره، فإن لم يختم للَّه
بالآخرة و لم يحسن عاقبة الصحبة و المحبة، فقد أدركه سوء الخاتمة، بطل عنه
ما كان قبل ذلك. فقد يصطحب الاثنان و يتواخى الرجلان عشرين سنة، ثم لا يختم
لهما بحسن الأخوة فيحبط بذلك ما سلف من الصحبة، فلذلك شرط العالم المحبة
الدائمة و الألفة اللازمة إلى الوفاة ليختم له به. و يقال: ما حسد العدو و
متعاونين على برّ حسده، متواخيين في الله عزّ و جلّ و متحابين فيه، فإنه
يجهد نفسه و يحث قبيله على إفساد ما بينهما. و قد قال الصادق عزّ و جلّ: وَ
قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ
يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53]، يعني يقولون الكلمة الحسنة بعد نزغ
الشيطان. و قال عزّ و جلّ مخبرا عن يوسف عليه السلام من: بَعْدِ أَنْ
نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي [يوسف: 100]. و قد يقال:
ما تواخى اثنان في الله عزّ و جلّ ففرق بينهما، إلّا بذنب يرتكبه أحدهما.
فقال بشر:
إذا قصر العبد في طاعة الله تبارك و تعالى، سلبه الله عزّ و جلّ من يؤنسه. و
يقال للعدو شيطان، قد وكله بالتفريق بين المتواخيين، ليس له عمل إلّا ذلك،
قد تفرغ له. و من علامة التقى حسن المقال عند التفرق، و جميل البشر عند
التقاطع. أنشدنا بعض العلماء الحكماء في معناه:
إنّ الكريم إذا تقضى وده يخفي القبيح و يظهر الإحسانا
و ترى اللئيم إذا تصرم حبله يخفي الجميل و يظهر
البهتانا
فوصف الكريم في هذا المعنى التخلق بخلق الربوبية، أ لم تسمع إلى الدعاء
المأثور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في أوله: يا من أظهر الجميل و
ستر القبيح، و لم يؤاخذ بالجريرة و لم يهتك الستر. فكذلك صفات المؤمنين على
معاني أخلاق المؤمن الأعلى، و قد كان أبو الدرداء يقول: معاتبة الصديق خير
من فقده، و من لك بأخيك كله هن لأخيك، و لن له و لا تطع الشيطان في أمره،
غدا يوافيه الموت فيكفيك فقده، كيف تبكيه بعد الموت و في الحياة تركت وصله،
و قد روينا عن عليّ عليه السلام: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك
يوما ما، و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. و قد روينا
نام کتاب : قوت القلوب نویسنده : ابوطالب مکی جلد : 2 صفحه : 364